تحدّيات

عندما كنّا صغارا.. أردنا أن نملك العوالم كلها.. عوالم الحلوى.. وعوالم اللّعب.. وعوالم الأكل.. وعوالم الرّسوم المتحرّكة.. كانت تحدّيات عظيمة..
ومع التّقدم في العمر.. أردنا أن نكبر لكي لا يتحكّم فينا الكبار.. أردنا أن نملك مصروفا.. وأن نشتري ما نشاء.. أن ننام متى نشاء.. ونستيقظ متى نشاء..
ثم تقلّص التّحدي عندنا لأن نفوز في هذه اللّعبة أو تلك.. وأن نفوز في هته المباراة أو تلك.. وأن تنظر إلينا جارتنا.. وأن نحظى بابتسامة من بنت حيّنا..
ثمّ أضحى التّحدي الأكبر عندنا أن ندرس وننجح ونتخرّج.. ثمّ أن نعمل.. ثمّ أن نرتاح بعد أن نعمل.. ثمّ أن نجمع المال من هذا العمل..
ثم صار التّحدي أن نتزوّج.. ثم ننجب.. ثم نربّي..
ثم أمسى تحدّينا ألاّ نفقد أحدا من أحبابنا.. أن نحيط بهم أمنا.. أن نؤمّن لهم أكلا وشربا ومأوى..
في خضمّ كلّ هذه التّحديات مررنا مرور الكرام أمام أحداث جليلة وذكريات نفيسة.. مررنا أمام ابتسامة الأمّ عند أوّل درس.. أمام حضن الأب عند أوّل فرحة.. أمام حسرة الأمّ عند أول زعفة.. أمام قهرة الأب عند أول نِسيَة.. أمام تَقَوُّسِ ظهر الأمّ.. أمام تثاقل خطوة الأب.. أمام خُفوت صوت الأمّ.. وأمام زيادة صمت الأب..
هي تحدّيات نخوضها في هذه الدّنيا.. وتحدّيات نسقط فيها.. فلنا الله في هته وفي تلك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق