صديقُنا المَارڨْ (El mareg، أوالذكي الفطن الذي فهم الحياة) يعتبر نفسه بعيدا كلّ البعد عن الكورونا.. فالحجر الصّحي مَا كَانْشْ مَنَّهْ! هودائما عند عمود الإنارة مع أصحابه ليلا ونهارا.. وعند سماعه صفّارات الشّرطة وتحذيرات عمّال البلدية.. يجيب الكلّ بكلمته الشّهيرة ساخرا من الكلّ "قِيييييوْ"..
صديقنا المارڨ ينتظر قبيل بدء ساعات الحجر، عند امتلاء الدّكاكين.. ليزاحم النّاس ويشتري علبة سجائر وعلبة حلوى.. يقترب من النّاس ليخيفهم.. يتنفّس في وجوههم.. ويشترى الكلام بضحكة صفراء ونظرة استهزاء وتهكّم..
هذا المارڨ يرى النّاس حمقى.. مُوَسوَسِين.. ساذجين..
فجأة.. بدأ المارڨ في السّعال.. وبدأت حرارت جسمه ترتفع.. وبدأ النّفس يضيق في صدره.. وفجأة وجد نفسه في المستشفى.. والطّبيب يسأل زملاءه.. هل هناك سرير إنعاش ؟؟
صادف أن المارڨ هذا وصل إلى المستشفى مع الحاج احمد.. شيخ في السّبعين.. خرج منذ أسبوع مضطرّا لشراء الدّواء بعد حجر في منزله لمدّة شهر.. فاقترب منه هذا المارڨ وسلّم عليه وقبّله على رأسه.. وقال له .. "عمّي احمد! ما يَخَّلعُوكش ڨَاعْ.. مَا كَانْشْ ڨَاع مَنهَا هذاي كورونا" (والمعنى: لا يخدعونك بهذه الكورونا فهي ليست من الحقيقة في شيء).. وترك المارڨ عمّي احمد بعد أن نقل إليه العدوى..
في مصلحة الإنعاش.. كان هناك سرير واحد.. فقرّر الأطبّاء إنقاذ الشّاب المارڨ لأنّه مقبل على الحياة.. وتركوا عمّي احمد يلاقي ربّه..
نجا المجرم.. وجُرمُه جُرمَين.. جُرم نقل العدوى.. وجُرم القتل.. وماتت الضّحية مرّتين.. مرّة بتلقّي العدوى بغير ذنب.. ومرّة بحجّة إنقاذ بغل! لأنّه مقبل على الحياة..
كم من بغل بيننا يجول وهو يقتل وهو لا يدري.. وكيف يدري وهو بغل؟؟ وكم من بغل سيتبجّح بعد الوباء بأنّه واجه الوباء والحجر ولم يمت.. والحقيقة أنّه أعان على الوباء ونشر العدوى وتلطّخ بدماء الشّهداء..
وعند ربّك تجتمع الخصوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق