عندما يبتلينا الله بالمرض، وتضيق علينا الدّنيا فنصبح لا نرى إلا محيطنا الضّيق.. الضّيق جدّا، وعندما أقول المحيط الضّيق فأنا أقصد النّفس والذّكريات.. فكلّ ما عدا ذلك من أهل ومال وعلم وعمل نذهل عنه ويصغر في أعيننا ونرميه وراء أنفسنا..
عندها ندرك أنّ دنيانا مجرّد مسرح يؤدّي فيه أناس دورهم المكتوب لهم، ويتناقلون بينهم أشياءا وألعابا نسمّيها أموالا وكنوزا، وهي عهدة سنتركها عندما يُسدل الستار ليُسأل كلّ واحد عن دوره فقط، هل أدّاه على الوجه المطلوب أم أنّه قد خرج عن النّص وجاء بالمحذور..
هي هكذا الدّنيا.. نُبتلى فيها ونكدّس فيها الأموال والأعمال.. لندرك عند أوّل محطّة من محطّات الرّحيل، أو قل عند أوّل تذكير بالرّحيل بطريق المرض أو الفراق أو الألم.. نُدرك عندها كم كانت تافهة حياتنا بعيدا عن ذكر الله، وعن ملاطفة الأحباب، وعن التّجاوز والتّغاضي عن زلاّت النّاس، وعن الانشغال بالنّفس عن الآخرين..