عادة ما أستمع لإذاعة القرآن الكريم في مذياع السّيارة، وهذه المرّة وقعتُ على حصّة لست أدري ماهي؟.. فهمت أنّها تتعلّق بالتّغذية والأطعمة والصّحة عموما.. ولا ضير في ذلك.. فكم نحن بحاجة لتقديم نصائح عن الأكل الصّحي ومقدار الصّحة والمرض في الوجبات والأطعمة والأشربة المتنوّعة.. وقد كان موضوع الحلقة عن العنب.. وكنت أتوقّع أن يكون المحتوى عن فوائد العنب وفيتاميناته ومكوّناته وما يؤدّيه في الجسم عند تناوله..
لكن !! أن نُقدّم حصصا في إذاعة القرآن عن العنب كعلاج.. وأن نقول للمستمع أن الغذاء يعوض الدّواء.. وأن نُفهِمَهُ أنّ تناول العنب جائز حلال لمرضى السّكري والضّغط وأنّه لا يُنافي أيّ مرض.. بل ويُعالِجُه.. دون أن نحترز من ذلك بالتّوجيه للطّبيب وأنّ الفاصل في ذلك كلّه مراجعة الطّبيب المختص.. فهذه جريمة وليست مجرّد هفوة من مُعِدّ أو مُقدِّم أو مُحرِّر..
والأكثر جُرما أنّ تقديم حصّة كهذه في إذاعة تحمل اسم القرآن الكريم ما هو إلا مسمار آخر في نعش ما نسمّيه الإعلام الهادف.. الذي حوّلناه من إعلام هادف ينشر الفكر الصّحيح القويم إلى إعلام مشوّه ينشر الخُرافة والدّجل باسم الدين (ولست هنا أخصّ إذاعة القرآن التي نُكِنُّ لها كلّ التّقدير والاحترام بل أوجّه كلامي لكلّ قنوات الطّيف الدّيني).. وأخشى ما أخشاه يوما أن تقدّم هذه الإذاعة الدّجالين والمُشعوذين وعَقدَاتِهم وخَلطَاتِهم ورُقياتِهم الّتي ما أنزل الله بها من سلطان..
اتّقوا الله فكم من مريض يستمع إليكم وربّما خالف رأي طبيبه بمنع العنب والتّين والتّمر إلى رأيكم الّذي قد يراه أصلح لثقته فيكم فتزيد علّته ويزيد مَرَضُه..
والله المستعان والهادي إلى سواء السّبيل.