معرض لعارضات السيارات
لماذا لا أشتري حلوى عيد الميلاد؟
رأس السنة الهجرية
ثقافة اللباس
منزلة بين المنزلتين
سيجارة العيد
مباوسة العيد
العيد فرصة للتسامح الحقيقي، الذي يكون انطلاقة حقيقية لعلاقة جديدة وقودها الإخلاص والثقة والمودة، سواءا بين الأصحاب، أو الجيران، أو الأقارب. فهل يا ترى قد وفينا حق أعيادنا من هذا الجانب؟ وهل تتساقط عنا خطايانا بعدما ننفض من مجلس "المباوسة" العيدية الروتينية؟ الظاهر من أفعالنا أن لا شيء من هذا يحصل، بل تزداد أحقادنا وأدراننا وتقتصر زياراتنا في العيد على "رفع العتب".
فإذا قلنا أننا نتزاور في العيد لوجه فلان أو فلان، فقد أردفنا على أوزارنا وزر الشرك! وإن قلنا أننا نتزاور لوجه الله تعالى، فهل أمرنا ربنا بالتزاور لمعانقة الأجساد أم لملاطفة الأرواح والضمائر؟ وكيف ألقى أخي في العيد بوجه عبوس وأقول ما سلمت عليه إلا لوجه الله؟! وكيف أدعو له بالقبول من الأعمال وتقاسيم وجهي تدعو عليه برد الإسلام كله عليه لا عمله فحسب؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن حول الأعياد من مناسبات لبناء الأواصر إلى مجاملات لرفع اللوم والعتب.
البحر ياخذ فيهم.. وهما يقولوا يا ماحلا بروده
إنما وجدت المثل معبرا عنا بكل جزئياتنا وتفاصيلنا.. إذ نتلذذ بواقعنا وحالنا ونشكر أنفسنا ويجامل بعضنا بعضا على أمانتنا وإخلاصنا وتقوانا وصدقنا وكل المحامد ما ظهر منها وما بطن -المحامد التي نحلف أنها لم تعد موجودة في أيامنا هذه! ونعتقدها في أنفسنا جمعا بين النقيضين!- ونعتقد أننا غير مكلفون بغير ما (لا) نفعله، وأن خطابات الشرع من محاسبة النفس وتلمس زلاتها وعدم اتباع الظن في إخواننا والنظر في أعمالنا وذواتنا قبل إعمال النقد والمحاسبة في غيرنا، وتلمس الأعذار لإخواننا كما نتلمس الأعذار الواهية لأنفسنا.. كل هذه الخطابات قد أعفينا منها فلا تكليف لنا بها.. وفوق كل هذا تعتقد الرفعة والعصمة والكمال والولاية أيضا؟؟ ولست أدري إن كان جهلا أم تجاهلا أم استحمارا للذات وللغير؟ إذ كيف نكون على هذا المقام العالي ولم يتأثر بنا المحيط إلا نقصا وانتقاصا، وكيف يتسلل الماء إلى عقر دارنا، وكيف نعتقد أننا قد أدينا واجبنا ونحن لا نخاطب إلا أنفسنا ولا نخاصم إلا أنفسنا؟ فهل سنستفيق حقا يوما من هذه الغفلة الميت اهلها؟ إنا لله وإنا إليه راجعون..
من دروس الفضائيات.. النعومة والخشونة
أسئلة بسيطة.. إلى الجامعيين؟
لماذا يتأثر الشباب الجامعي بكل ما هو سوقي من طريقة الكلام إلى طريقة اللباس المترهل إلى الأذواق والهوايات، ويعجز عن التأثير وصناعة الموضة وصياغة أذواق الناس؟ لماذا أصبحت الجامعة -أساتذة وطلابا- تابعة للسوق في الطباع والأفكار والتفكير، وفي الأذواق -في نوعية المسلسلات والبرامج المشاهدة- بينما المفروض أن توجه هي المجتمع ككل لا السوق فحسب!؟
لماذا يدوس الطلاب على كل قيود المدرسة والثانوية من احترام للأستاذ والتزام بالهندام ومواعيد الدخول والانصراف ومتابعة المحاضرات، ويعجز عن تخطي الحجر الفكري فيبقى متلقيا لكل شيء من طريقة لبسه وقصة شعره التي يتلقاها من أسفل قاع المجتمع من الشواذ والمنحرفين المسمون زورا وبهتانا نجوما! إلى معارفه التي يتجرعها ولا يكاد يسيغها بلا تمحيص ولا نقد ولا حتى فهم في بعض الأحيان؟
لماذا يحصر الطلبة الجامعيين النضج والبلوغ في مواعدة الفتيات والصرمحة يمينا وشمالا، ويثورون على الآباء لمجرد النصيحة.. في حين يواصلون الاعنماد على آبائهم في مصاريفهم الكمالية المبالغ فيها.. مع أن أولى مراتب البلوغ والقوامة والاعتماد على النفس تأمين مصروف الجيب؟!؟!؟
الضغط
ونحن في حقيقة الأمر إنما ندين أنفسنا بعملنا هذا! ذلك اننا نقر بتقصيرنا ووهننا وخمولنا.. فنسقط ذلك على الآخرين ونتهمهم به.. ونعاملهم بعد ذلك على أساسه. فنخرج من طور المشاركة في العمل وتقاسم المسؤوليات إلى دور الشرطي الرقيب والمراقب العنيد الشديد! وإن كان هذا الأسلوب مثاليا في المؤسسة العسكرية وأجهزة الإدارة والشرطة لطبيعة عملها، فإن هذا الأسلوب إذا ما انتهج بين الأصدقاء أو في العائلة أو في الجمعيات التطوعية -إذ أساس العمل فيها أصلا التطوع و الحماس الذاتي وليس الرقابة الخارجية- فإنه ينسف العمل والعائلة من جذورها ويجعل كل فرد يتحين الفرصة للتمرد والاستقلال بذاته للتخلص من الرقابة اللصيقة على اللاعب! إن النفس البشرية تحتاج إلى هامش من الحرية للتحرك والإبداع، فإذا ضيقنا هذا الهامش، فإننا نكبت التطور وروح الابتكار، ونحولها من نفس خلاقة مبدعة إلى مجرد روح موظف بائس لا يهتم للعمل لأنه لا يعنيه أساسا! وهذا لا يعني عدم وجود نوع من التأطير، ولكن التأطير يجب أن يكون ذكيا ورادعا بحيث يزيد من الرقابة الذاتية للعامل. وذلك بأن تكون المحاسبة بعد العمل بتفحص النتيجة وقبله بإقراره أو رفضه لا أثناءه!!! وعلينا أن ندرك أن المرء قد يخنق شخصا يحبه وهو يعتقد أنه يحضنه! أجل، وإن كان هذا من سمات الجنون، فإن قتل العمل بدافع الخوف عليه من الجنون أيضا.. وتحطيم الروابط الأسرية بالرقابة البوليسية جنون أيضا.. ولكن للأسف، هذا الجنون لا يكتشف إلا بعد فوات الأوان.
في ذكرى عيد الأم
أمي لا تعرف الفايس بوك، ولا غوغل، ولكنها تسمع كثيرا عن الانترنيت دون أن تراها، كما أنها تجد صعوبة كبيرة في قراءة الرسائل القصيرة -وربما مرد ذلك لأسلوبها المستفز أو لأنها لا تنبع من القلب-. إنها سيدة بسيطة متقدمة في السن، ولا تهتم كثيرا لهذه المناسبات المخملية، فهي ليست من النساء المتحررات أو سيدات المجتمع اللواتي يقمن المآدب ويتحدثن عن عيد الأم ويقدمن النصائح عن الأمومة وكيفية معاملة الأمهات ودور الأم في المجتمع وفي الأسرة كأنهن صواحب الاختراع! ورغم ذلك، ورغم علمها المتواضع الذي لا يتجاوز أحكام الصلاة الأساسية وبعض آيات القرآن.. مارست أمومتها كما لو أنها درست في صروح أوكسفورد أو هارفارد.. فهي لم تتركني يوما عند الجيران لحضور ندوة عن دور المرأة في الأسرة، كما أنها لم تتركني يوما بمعية اخي أو أختي لتحدث الناس عن العلاقة بين الأبناء والآباء.. لقد مارست دورها وامومتها بفطرة سليمة متوارثة من عهد أمنا حواء -ليست حواء ذات الموعد الأسبوعي إنما حواء سيدنا آدم!-. لقد مارست أمومة لا يمكن تعريفها إلا بأنها لم تحتج يوما لأن تذكرني وإخوتي بأنها أمنا! أو أن تعرفنا بذلك يوما.. أمومة جعلتنا ندخل إلى الفايس بوك وندرش على الأنترنيت أيضا لا لشيء إلا لنكتب عنها.. هذه أمي.. وإن لم تقرأ يوما ما كتبت عنها هنا، فإن من واجبي -وواجب كل ابن- أن أكتب عنها لأداري بذلك تقصيري في أداء حقها ونكراني جميلها الذي لم تطلب رده يوما..
ألف ليلة وليلة
عن رواية الحمار الذهبي
شبكة العلاقات الإجتماعية؟
هنا ينبري المعارضون ليردوا على الموالين بأقوالهم.. فيقولون: كيف تسمون هذه البدعة الضالة تواصلا إجتماعيا وهي قد مسخت النفس البشرية الإجتماعية بطبعها وحولتها إلى نفس منافقة تتخفى وراء أقنعة في ظهورها للمجتمع، ومن ثم إلى آلة لا تحس ولا تشعر! فالمساهم في هذه الشبكات يكون بطبعه أو يصير بتطبعه متخفيا وراء قناع يصنعه في العالم الافتراضي ويستحيل أن يكون هذا القناع مهما حاول صاحبه أن يعكس الحقيقة كاملة لأن الإنسان مجبول على ذكر محامده ونكران مساوئه.. فيتشكل نتيجة لذلك مجتمع افتراضي شبيه بمسلسل للرسوم المتحركة منسوج الشخصيات بحبكة ودراية تخرج بنا عن الطبيعة إلى التكلف. وبعد هذا، تكون تصرفاتنا داخل هذه الشبكات بعيدة عن الطبيعة التي تحكمها أحاسيس الوجل والتردد والمداراة واللباقة التي نفتقد مسوغاتها في هذا العالم الممسوخ الجديد! فنتحول إلى آلات لا تحس ولا تخجل.. وبعد هذا كله نسمي هذه الفضاءات تواصلا إجتماعيا؟ وبعد هذا وذاك، يبقى السؤال مطروحا.. هل نحن نتواصل اجتماعيا على الأنترنيت، أم أننا نقطع ما تبقى من علاقانتا الإجتماعية الحقيقية؟
الاحتجاج
الاحتجاج إقامة الحجة على "المحجوج". ولإقامة هذه الحجة يجب أن يكون الاحتجاج جادا لا تهريجيا بحيث يكون: أولا - مؤثرا بحيث يتضرر منه "المحجوج" أو يحرجه ويسبب له ضيقا على أسوأ التقديرات. وثانيا - ذو هدف ومرمى بحيث تطرح البديل الأفضل على ما تحتج عليه ليكون هذا مطلبك من الاحتجاج فلا يكون الاعتراض من أجل الاعتراض. وثالثا - أن تعترض على ما يعنيك أنت لا على ما أصاب الآخرين برضاهم لأن هذا من الوصاية الممقوتة ومن الهزل وربما من قلة الأدب أحيانا. فلا يمكنك مثلا أن تعترض على وجبة لن تدفع فيها فلسا بل قدمت لك مجانا، ولن يضير امتناعك عنها لا طباخها ولا مقدمها، ولا الداعي إليها ولا حتى جليسك على المائدة، فأكلك وعدمه سيان وربما كان عدمه وقيامك أولى. فاعتراضك هنا يدخل في السفه والتهريج الذي يثري مرحا وترويحا على المجلس، فتكون إذ ذاك قد أفدت من باب إرادتك الضرر، وهنا سفه آخر. كما أنك لا يمكن أن تعترض على طبخة هي أقصى ما يمكن للطاهي أن يجود عليك به في ضوء ما اشتريت أو ما دفعت، فلا يمكنك مثلا أن تعترض على أكلة لأن اللحم غير موجود فيها، وأنت أصلا لن تدفع أكثر من ثمن كسرة يابسة، وقد جادوا عليك بالفارق. كما أن من عدم المنطق أن تأتي للبيت -وليس فيه شيء- بخبز وحليب، ثم تقيم الدنيا لأن المائدة ليس عليها سمك! لأن السمك لا يصنع بالخبز والحليب وإنما بشيء آخر. وثاثلة الأثافي أنه ليس من الأدب أن تعترض على أكل صاحبك الخضر بلا طهي، وهو قد استمرأه وارتضاه لنفسه، لعلة به أو لمرض أو حتى لجنون. لا يحق لك ذلك لأن ذلك "لا يعنيك!" وهو خارج نطاق حكمك ورأيك ففي الأكل والذوق والطعام لست وصيا على أحد! فإذا رأيت نفسك خارج هذه الأطر، وأردت الاعتراض، فلك ذلك، على أنك المسؤول وحدك عن سحب طبقك، أو استمرار جوعك، أو حتى موتك من غصة تلحق بك دون أن يسعفك أحدهم بشربة ماء.
نمط الحياة
فالتلاميذ عندنا يبدؤون دوامهم على الثامنة صباحا، وربما تجد تلاميذا متوجهين لمدارسهم بدءا من السادسة صباحا، وآخرين ينتظرون الالتحاق بمقاعدهم على العاشرة، وآخرون محرومون من الدوام الصباحي؟ والأدهى! أن هناك آخرون يلتحقون بأشباه ملاعب الأحياء -وهي عبارة عن شوارع وجادات مهيئة محليا لممارسة رياضات الشوارع- من الثامنة صباحا إلى ساعات المساء أيام الدراسة والإمتحانات! أما طلبة الجامعات فكأن أساتذة الجامعات يدرسونهم تحت الطلب، فتجوالهم في المقاهي وأركان العمارات، وللمحظوظين بعض فضاءات التسلية أكثر من أوقات جلوسهم في قاعات الدرس. ولضبط تصرفات الإداريين يلزم ما يلزم، فكلما اشتغل موظف فقضى لك حاجتك بعد أن تنتظره من دقيقة إلى ثمان ساعات غاب العديد دونه عملا بمناوبة لا يفقه أصولها إلا مجتمعنا الذكي أكثر من اللازم. وإذا غاب الرقيب في الإدارات الحكومية، فإن التجار وأصحاب المحال قد غنى كل منهم على ليلاه، فلكل منهم نظام فتح وإغلاق وبيع يتغير في اليوم مائة مرة، غير مبالين بالزبائن الصبورين جدا جدا! ولا حاجة لذكر المقاهي والمطاعم، فهي عامرة آناء الليل وأطراف النهار، وربما أغلقت كلها أبوابها أوقات يحتاجها الناس في أيام العطل والراحة والرحلات. هذا غيض من فيض، فكيف للمواطن البسيط أو المعقد أن يخطط ليومه أو حتى ساعته في ظل هذه الفوضى الحياتية العارمة، أو أن يحترم مواعيده مع الآخرين، أو أن يحدد مواعيد للآخرين أصلا!؟ ومما زاد الأمر بهاءا أن نتحدث عن الأنترنيت وعصر السرعة وتكنولوجيا المعلومات، كيف ونحن لم نحدد أصلا نمط حياة مدينتنا اليومي!
مراتب التهريج
إذ كيف لمدرس أن يكرر الأخطاء اللغوية التي يلقنها للتلاميذ منذ عشرين سنة ونيف إلا إذا كان مهرجا؟ وكيف لرب الأسرة أن يتخذ قرارا بتزويج بنت أو تطليق امرأة وهو جليس مقهى ثم يلحس كلامه في الجلسة التالية إلا إذا كان مهرجا؟ وكيف لرئيس مؤسسة أن يطلق مشروعا بكلمة ويسخر فيه كل الطاقات لنفحة، ثم يبطل المشروع وربما بنفس النفحة إلا إذا كان مهرجا؟ والظاهر أن مظاهر التهريج وامتداده أكبر مما نتصور، وفوق كل الحدود! ولكن؟ هل التهريج الذي نمارسه مرده فعلا للنقص البشري، أم أنه نتاج الهزل والانهزام الذي نعيشه على كل الأصعدة؟ الواقع أثبت ويثبت أن هذا التهريج من خصائص أهل التخلف. ذلك أن الأمة التي تتعامل مع الجرائم التي ترتكب كل يوم في حق لغتها، وعلمها، وهويتها، وحضارتها على أنها نكت وطرائف تتندر بها الصفوة في مجالس السمر هي فعلا أمة الهرج والتهريج!
النجومية والشهرة (1)؟
أزمتنا مع الماضي (1)
إن هذا لشيء عجاب، وإن ما نعانيه اليوم وتعانيه الأمة منذ قرون يعود قسط كبير منه إلى هذا الإحباط المزمن للأجيال من الأجيال السابقة لها! فإذا تقصينا جميع محطات النصر التي مرت بها الأمة الإسلامية عبر التاريخ، وجدنا صانعيها شبابا! بدءا من الوحي الإلهي على خير الأنام صلى الله عليه وسلم، وكيف انبرى الشباب لعادات وأوثان الشيوخ، مرورا بالفتوح العسكرية كالأندلس والقسطسنطينية، فالفتوح الفكرية لأبي الحسن الأشعري وابن رشد وغيرهما، وصولا للحركات التجديدية لابن باديس وبن نبي وغيرهما، ثم الثورات التحريرية في الجزائر وغيرها.. وفي كل نجد أن الصلاح والتغيير الذي يحكم عليه التاريخ لاحقا كان دأب الشباب أو يتبعه ويحققه الشباب، فيما القوة المثبطة والمُحبطة فيه ذهنيات أشباه المشايخ ومُدَّعُو الحكمة والحقيقة المطلقة -دون تعميم طبعا-! وعلى عكس ذلك نجد فترات الركود والرقود هي السنوات التي تسيطر فيها قدسية التقليد والتقديس والتأليه أحيانا. فكلما سادت فكرة الشيخ والسيد والزعيم الأوحد والمفكر الملهم، دخلت الأمة مرحلة الاستكانة والرضى بالنوم والكسل، وتعطلت آلة الفكر والعمل، وأصبح الناس موظفين لدى المجتمع لا أفرادا منه! ولا تنقصنا الأمثلة على ذلك من بداية الحكم الأموي، مرورا بعصر الضعف -وليس هو عصر الضعف الوحيد في تاريخ أمتنا- وما جره من تتار وأتراك، وصولا لما نحن عليه اليوم. فإذا كانت هذه شهادة التاريخ، فكيف يحق لأي كان أن يحبط همم الشباب ويسفه أحلامهم، ويصفهم بالغوغائية والتهريج وعدم تحمل المسؤولية، ويصر على الوصاية عليهم وحرمانهم من أبسط صور الحرية في الفكر والعمل؟ أم أن وراء السلوك أفكار أخرى؟
بين المنزلتين
عن المشاركة والتضامن
كثيرا ما نسمع عن الانفراد.. والخروج عن الجماعة.. ومخالفة رأي الأغلبية.. وكل تلك الصفات التي تصنف صاحبها مع الخونة والمرتدين! ولكن، هل تحلت هذه الجماعة أو الأغلبية بروح الجماعة وأساسيات العمل الجماعي؟ كثيرا ما تطالبنا هذه الأغلبية -إن صدقت- بالمشاركة في تحمل المسؤولية، وهو ما يعني المشاركة في تحمل النتائج والأعباء لا غير، إذ غالبا ما تكون المشاركة الوحيدة في الموضوع!
المشاركة الحقيقية تقتضي المشاركة في كل شيء، فإذا أردت مني تحمل مسؤولية قرار ما أو حل ما، عليك أن تشركني في اتخاذ هذا القرار وصياغة هذا الحل! عليك أن تطرح الأمور بشفافية من البداية، فنحدد الخلل معا، ونحصر المشاكل معا، ونفكر في الحل معا، ونصيغ الحلول والقرارات معا. عندها لا معنى للحديث عن المشاركة، فالمشاركة عندئذ تكون أمرا واقعا لا يحتاج إلى تأكيد.
أما أن تعتبرني قاصرا عن التفكير والتحليل، فتقصيني من دائرة القرار والنقاش، فتفرض بالتالي نظرتك القاصرة للموضوع، فالأولى بك أن تواصل اعتبارك بإقصائي من التنفيد وتكمل وحدك ما دمت قادرا ومتمكنا.
فأنت في حقيقة الأمر تبحث عن تابع تشاركه الفشل الذي أنت مقبل عليه، وأنت وحدك المسؤول عنه.. ولكن عذرا، فهذا الدور دون مستوى طموحاتي.
المداومة
عن التجديد
حالة خاصة
المردودية
لا يمكن الحديث عن المردودية أو الإنتاج أو التحقيق دون وجود هدف أو رسالة أو غاية. ورغم ذلك أقول دائما عند انقضاء يومي لم أحقق شيئا اليوم، أو لم أفعل شيئا اليوم، أو أن النهار قد مضى دون فائدة! ولست الوحيد، كلنا نقول ذلك، ونحن نجهل أو نتجاهل أن هذا الكلام لا معنى له.
إذ كيف بنا لم نحقق شيئا ونحن أصلا لم ننو فعل شيء عند أول النهار. فكيف يندهش من لم يفعل شيئا وهو غير مطالب أصلا بأن يفعل شيئا وكيف يحبط من لم يعمل وهو لم يفكر في فعل شيء أصلا؟ وربما لهذا السبب لا تصاب البهائم بالإحباط!.
بعيدا عن الفلسفيات، لا بد من تغيير بسيط في تفكيرنا بطرح الأمور ببساطة. العامل البسيط الذي يشتغل على الآلة لثمان ساعات في اليوم لن يقول يوما هذا، ذلك أنه في كل صباح يعلم أنه مطالب بتشغيل الآلة لهذه المدة، ويعلم أنه ليس مطالبا بشء آخر. وهو يفعل ما هو مطالب به، وليس يسأل عن غيره. فيومه ينقضي بانتهاء عمله وقد حقق رسالته.
ينبغي نقل فكر الآلة إلى كل واحد فينا! ويجب أن نتعامل مع ما ينبغي علينا القيام به على أنه شغل محدد لن يقوم به أحد غيرنا: من أداء الصلوات الخمس، والأكل والشرب، إلى حل مشكلات الحضارة ومحاربة التصحر.
إنه الترتيب البسيط للأفكار، وتحديد الوجهة اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية والحياتية ما يمكننا من الحكم عند نهاية المطاف عى أنفسنا هل حققنا شيئا أم لا؟ عندها يمكن الحديث عن المردودية.