أليس في بلاد العجائب

أليس في بلاد العجائب من روائع القصص العالمية شئنا أم أبينا، فهي قصة موجهة للأطفال شكلا بامتياز، فالقصة وتجسيداتها من رسوم خالية من أية قصص غرامية أو إيحاءات أو شخصيات بملابس شبه فاضحة –كما نرى للأسف في حصص موجهة للطفل على قنواتنا الوطنية والعربية–، وهي حكاية بسيطة تبحر بخيال الأطفال في عالم متناقض يشده ويلفت فيه الحس بالواقع من خلال سرد اللاواقع!
كما أن الإبداع الفني رائع وخصب ينم عن عقلية فريدة ومتميزة.. جعلت من الحكاية أدبا عالميا! وإن كانت اليوم منسوخة بالبوكيمون والباكوغان وما تحدثه من تشوهات فكرية وسلوكية لدى الناشئة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة.. لماذا نعجز نحن في وطننا، أو عالمنا العربي أو الإسلامي عن إبداع أدب للطفل يكون قادرا على التجسد في أعمال سينيمائية مصورة أو مرسومة؟ وينافس الأدب العالمي ويصير علامة مسجلة للطفولة كما هي أليس؟ ويمكننا أن نعتمد عليه في مقرراتنا ومناهجنا.

ميلاد مجتمع

من مؤلفات مالك بن نبي كتابه القيم الذي يتعرض لمفهوم المجتمع من حيث نشأته وتكوينه، ودوره. وهو دراسة عميقة ووافية لماهية المجتمع، والفرق بينه وبين التجمع البشري العفوي البدائي..
ومما لفت انتباهي في الكتاب تعرضه لفئة هامة من مجتمعاتنا المتخلفة، وهي الوحيدة –في الظاهر- التي تؤدي دورها بامتياز في وقتنا الراهن.. إنهم القوارض!
يقول مالك بن نبي: "وحسبنا أن ننظر حوالينا، لنرى هؤلاء القوارض يعملون في بلادنا، وكيف أنهم مدفوعون دائما إلى المسرح بيد خفية.. فإذا احتجنا اليوم أن نعد في بلادنا دفاعا من أجل الحضارة، فمن الواجب أن يكون دفاعا ضد هذه القوارض".
فلنحذر جميعا من هذه القوارض التي تقرض العلاقات الاجتماعية، وبذلك تقرض الحضارة والتعايش الكريم العادل.. ولنحذر قبل ذلك أن نكون نحن أيضا قوارض من حيث نشعر أو لا نشعر..
فلنعمل أكثر مما نقبض، حتى لا نقرض من عمر حضارتنا ومجتمعنا.. ولنحب أكثر مما نأخذ حتى لا نقرض من عواطفنا ومشاعرنا.. ولنساعد الناس لوجه الله أكثر مما نطلب العون والمدد حتى لا نقرض من هناء مجتمعنا واستقراره.. ولنتعلم أكثر مما نعمل أو نكسب به رزقنا حتى لا نقرض من حكمة مجتمعنا.. ولنعبد الله بإخلاص أكثر مما نعتقد خطأً أنه سيدخلنا للجنة حتى لا نقرض من روحانية ونورانية مجتمعنا..

عن مسلسل إمام الدعاة

لا أحد ينكر باع أهل مصر في التمثيل أفلاما ومسلسلات، ولكنهم غالبا ما يجانبون الصواب في الأعمال التاريخية، ولست أدري إن كان ذلك لضعف احترافيتهم، أم لتكاسلهم عن الخوض في تفاصيل الأحداثث التاريخية بكل موضوعية؟!
فلقد شاهدت أخيرا حلقات من مسلسل يحكي سيرة الشيخ الشعراوي رحمه الله، وكم أحزنني كيف تعرض القائمون على المسلسل لفترة ضيافة الجزائر لهذه الشخصية البارزة. فالجزائريون يكنون للشيخ الشعراوي وكل علماء الإسلام المحبة والاحترام والتبجيل، ولكن أن تعرض صورة الجزائر في المسلسل بصورة ساذجة وباهتة وسطحية وكأن المصريين لم يسمعوا ببلد إسمه الجزائر من قبل.. ففي هذا رائحة ليست بالعطرة تماما..
فالبداية كانت بتقديم اللهجة الجزائرية كهجين من اللهجات الخليجية واليمنية، بلا رابط ولا شبه مع أي لهجة جزائرية ولو كانت محلية! وكان الأولى بهم الاستعانة بممثلين جزائريين وما أكثرهم!
ثم كيف يجعلون الثورة الجزائرية الكبرى وليدة شخص واحد مهما كان علمه وورعه، ثم متى كان هذا الشخص صاحب الرأي عند أولي الأمر في الجزائر؟؟!
إن عرض المسسلسل للجزائر ولو في فترة قصيرة بهذه الطريقة لا يعدو النظرة الشرقية للتاريخ قديمه وحديثه، على أنه أحاديث ألف ليلة وليلة، المفعمة بالبطولات الفردية والزعامات الكاريزمية.
التاريخ ليس هذا ولا ذاك، والفن الذي لا يحترف كالفنون العربية، حتما سوف يندثر ولو لبس عباءة الدين، أما الفن المحترف كالفنون الغربية فله الخلود في الأرض، ولو كان ماجنا.