وهل هلال العيد

وبان الهلال من وادي سوف.. لتغادر دفعة أخرى مدرسة رمضان.. بعد تربّص مغلق لمدّة شهر.. فاز فيه من فاز بأجر غير ممنون.. ورغم فيه أنف من رغم.. ولا أحد يعلم ذلك إلا الله.. ولن ندري من أيّ الفريقين نحن إلاّ يوم نلقاه..
محلاّت غسيل السّيارات شغّالة حتّى مطلع الفجر.. الحلاّقون والحلاّقات في ملاحم وكيراتين حتّى طلوع الشّمس.. صياح وصراخ لا تفهم معناه طول اللّيل..
جميل أن نستعدّ للعيد بتنظيف السّيّارات وتضبيط الشّعرات.. وكنس مداخل البنايات.. وأجمل من ذلك أن نركع ركعات ونراجع حسابات الشّهر لننظر هل كنّا من المفلسين أم من الرّابحين..
كل عام وأنتم بخير..

تبا للأنترنيت

تنادى علماء الجزائر لمبادرة رأوا فيها حلّا للأزمة الحالية، وهي مبادرة بشريّة تقبل النّقد والإثراء أو حتّى الرّفض لمن لم يستسغها.. لكنّنا رأينا أناسا.. عوض أن يتطرّقوا للمبادرة أفكارا ونصوصا.. راحوا يشتمون الأشخاص.. وأيّ أشخاص؟
ولست هنا أدافع عنهم.. فالله يدافع عنهم لأنّي أحسبهم من الّذين آمنوا.. ولكنّي هنا أنظر إلى المتطاولين وجرأتهم على السّباب والشتم.. وكيف أصبحنا لا نتوانى عن التّجريح والقذف حتّى للأعلام وكبار السّن والقدر؟
لقد كان هؤلاء العلماء قبل أيّام "ناس ملاح"، ثم هاهم اليوم عملاء وزوافّ؟ كلّ هذا لأنّهم كانوا يرون فيهم الصّلاح بالأمس، أما اليوم، فهم يرون فيهم الإصلاح.. وشتّان بين الصّلاح والإصلاح..
ثمّ أعود وأتذكّر ما حلّ بالمصلحين عبر الأزمان، وكيف تجرّأ عليهم السّفهاء والغلمان.. لكنّ الفرق في أيامنا له بعد آخر.. وهو أنّ سفلة القوم تساوت مع عليتهم في الأصوات والمنابر.. والفضل والمجد في ذلك للأنترنيت.. فكلّ من له هاتف ذكيّ، أسمع صوته ولو كان أغبى النّاس وأحمقهم..
تبّا للأنترنيت..

القلب الأبيض.. لأولاد الحرام

نعود مرّة أخرى إلى الإعلام الرّمضاني.. ليس من باب التّكرار.. ولكن من باب الرّد على التّكرار.. فمسلسلات رمضان لا تنفكّ ولا تملّ من الإصرار والإلحاح على بعض القيم محاولة ترسيخها في المجتمع.. وربّما يتسائل القارئ عن تلك القيم؟ هل هي التّسامح مثلا؟ أم الإحسان؟ أم التّقوى وطاعة الله؟ أم الالتزام والوفاء والعهد؟ أم التّعلم وطلب العلم؟ أم ياترى الكدّ والعمل والشّغل وبذل الجهد للوصول؟
ما يُبثّ هذا العام في قنواتنا.. وخاصّة العمل الدّرامي المهيب الذي شدّ أنظار وقلوب الملايين، وصرفهم عن التّراويح، وشلّهم أمام شاشات التّلفاز، وجعل المنتج يزيد في حلقاته يوما بعد يوم.. ويعدّل النّهايات ليترك له حظّا من أجزاء أخرى.. وجعل القنوات التي تبثّه تُكَركِر الإعلانات فوق الإعلانات حتّى لا تكاد ترى المسلسل من خلالها.. كلّ هذا يجعلك تضرب أسئلتي عرض الحائط!..
فهذا المسلسل لاتسامح فيه إلا ما كان من ضرب للخنجر والموس.. ولا إحسان فيه إلا للبارونات والعاشقات العشيقات.. ولا التزام فيه إلّا بمواثيق الخيانة والسّرقة وشرب الخمر.. ولا مكان فيه لمتعلّم واحد! ولا مثال فيه إلا لكسب النّقود من المخدّرات والسّرقة والغشّ والخداع..
وإن أردت قيمة في هذا المسلسل فهي القيمة الشعبية الممسوخة.. قيمة القلب الأبيض.. فلك أن تقتل وتجرح وتسكر وتعربد وتفسق.. ما دام قلبك أبيضا..!
إنّها القيمة اللّونيّة يا سادة!