رسالتك في الحياة

يتساءل الكثير منا عن رسالته في الحياة، ولماذا يحيى، وماذا يقدم في هذه الدنيا؟ وهو سؤال وجيه لكل من أدرك أننا لم نخلق عبثا، وأن الحياة ليست وليدة حظ أو خبط عشواء. وكل من لم يجل بخاطره هذا السؤال فهو غافل ينبغي أن ينتبه ويستيقظ من غفلته.
والجواب عن هذا التساؤل بسيط جدا ومعقد جدا في وقت واحد. فالسؤال ألف فيه الفلاسفة المؤلفات، وخاض فيه علماء الشريعة والأصول والتصوف. ونحن هنا بصدد الإشارة والاستئناس بكلام المحققين لإرشاد أنفسنا نحن العوام حتى لا نكون بحياتنا عابثين ولاهين.
والحقيقة أن الرسالة الأسمى لكل بني آدم في هذا الكون هو تحقيق العبودية لله بعمارة الأرض حق عمارتها بالعدل والإنصاف. وهذه رسالة عامة يشترك فيها كل البشر على اختلاف مشاربهم ومنابتهم. وتحقيقها يكون بتحقيق الرسالة الفردية التي تتفرع عنها تبعا للمنشأ والبيئة والإمكانات والوسائل والظروف المتاحة لكل واحد.
فهناك من رسالته قيادة الأمة في زمن من الأزمنة، وهناك من رسالته تجديد علم أو نشره أو تنقيحه، وهناك من رسالته إبداع بدعة حسنة فيها صلاح الناس وراحتهم وأمانهم، وهناك من رسالته تربية أولاد صالحين في مجتمع فاسد أو بيئة ظالمة، وهناك من رسالته حفظ كرامة والديه في كبرهم وعجزهم، وهناك من رسالته بر زوجته وحفظها وتهيئة الحياة الكريمة لها.
فالرسالة ليست بالحجم أو القوة أو السعة! إنما هي بالأداء والأمانة والتقوى، فما قيمة الرسالة العظيمة إذا ضيعناها فأفسدنا أمة أمام رسالة عائلية بسيطة تحفظ بها نفسا واحدة وتدخل بها السرور على قلب مؤمن؟ والجواب والتحقيق في كل هذا عند الله عز وجل، فنحن لدينا أمارات وإشارات، أما الجواب الشافي فهو عند الحساب.
فلنلزم ما ألزمنا الله به من رسالة، ولنؤدها حق أدائها، ولنتق الله فيما بين أيدينا من مسؤولية قبل أن نتطلع لمسؤوليات ربما هي خارج نطاقنا وليست موكلة لنا أصلا.

ترتيب اليوم والليلة

اليوم والليلة هما أصغر دورة في حياتك، وإذا رتبتهما ترتيبا جيدا، تمكنت من ترتيب جزء كبير من حياتك. ولترتيبهما يجب مراعاة الأولويات وإدراك المقدورات. ولإتمام ذلك علينا أن نتدرج كالتالي:
أولا، ضع الأساطين: والمقصود بالأساطين، المواعيد التي لا ينبغي تجاوزها، وما عداها يترتب بينها، وهذه الأساطين للمسلم هي الصلوات الخمس، فيومه يمتد من صلاة الصبح إلى صلاة العشاء، فما بينهما يوم كامل وما بعدهما ليلة كاملة.
ثانيا، قسم أعمالك على اليوم والليلة، فأعمالك الظاهرة لليوم، وأعمالك الباطنة لليلة.
 - فاليوم لنشاطك مع الناس، وأعمالك أمام الناس، وعلمك وعملك.
 - والليلة لأسرارك، سرك مع أهلك، وسرك مع نفسك، والأهم من هذا وذاك سرك مع ربك!
ثالثا، قسم أعمال اليوم الأهم فالأهم، وهنا تضع الوظيفة، الأكل، القيلولة، النشاط الاجتماعي، القراءة، السياحة، وكل أعمال اليوم، ونعلم أن اليوم قصير ومحدود، ولكن الأيام عديدة، فيوم للوظيفة والقراءة، ويوم للسياحة والقيلولة وهكذا.
رابعا، قسم أعمال اليل ليلة بليلة، ذلك أن النوم يأخذ معظم الليل، فيبقى النذر اليسير، اجعله ليلة لأهلك أو ساعة، وليلة لنفسك أو ساعة، وليلة لربك أو ساعة. 

العطلة

جلست أنتظر أحدهم وأنا أراقب الشارع المقابل والنهار قد انتصف، والشمس دنت بحَرِّها من العباد، وأناس يروحون ويغدون وقد نال منهم التعب والحر كل مأخذ!
وأول ما شد انتباهي تجرد بعض الناس من ملابسهم بشكل مقزز رجالا ونساءا، فالكل يوفر الحد الأدنى من الخدمات في اللباس، أقمصة مكشوفة الأكتاف والأذرع والسرة، تبابين إلى ما فوق الركبة وشحاطات لا تكاد تجمع الأقدام! ويستوي في ذلك الأطفال والكبار.. وحتى بعض الشيب.
والكل يجري وهو حامل علبا من الحلوى، أو البيتزا، أو السندويشات.. وكأني بهذا الصيف موسم للراحة حتى عن التجمل الاجتماعي واللباس المحتشم وطهي الطعام وإعداده في البيت..
تساءلت ولا زلت أتساءل عن الذي جعل لنا الصيف مرادفا لهذا كله؟ وكأننا في باقي فصول السنة عندما نعمل، ونعد الطعام في بيوتنا، ونرتدي لباسنا اللائق والمحتشم متكلفون وخارجون عن الفطرة، مع أنه لدينا عطل أسبوعية وعطل أخرى نسترجع فيها بعضا مما نستهلك من طاقاتنا ومجهودنا.. وكأن ذالك كله مُتَكلَّفٌ وخارج عن الفطرة، حتى إذا ما جاء الصيف، تحررنا من ذلك كله حتى من الحياء والحشمة.
أتساءل حقا هل كنا كذلك قديما؟ وهل الأصل حقا فينا ما نفعله في العطلة..