كما جعل الله لنا سنّة بيننا سمّيناها التّدافع.. فإنّه قد جعل لنا مع الطّبيعة التي خلقها سننا منها التّسخير والعمارة.. وهذه السّنن لا تتأتّى ثمارها إلاّ إذا تعلّم الإنّسان من هذه الطّبيعة.. تعلّم من سكونها ومن حركتها، وتعلّم من ترياقها ومن سمّها أيضا..
فالإنسان بعمومه، والمؤمن بخصوصه وخصوص خصوصه مطلوب منه بذل العقل وآلته والنّظر وطرائقه لفهم سنن الله في الكون، والبحث عن الأدواء وأدويتها والتّحرز من أسبابها..
من هنا نجد أنّنا قد أخقنا نحن المومنون في فهم سنن الطّبيعة كما أخفقنا في فهم سنن البشر.. وأثبتنا مرّة أخرى أنّنا قد عطّلنا عقولنا وصارت علومنا اجترارا لعلم الآخر بعد انتهاء الصّلاحية طبعا!!
ونجد أيضا أنّ الإنسان قد أخفق أيضا في هذه السّنن عندما وصل بعلمه إلى أدواء في الحيوان والجماد، من خفافيش وخنازير ومجارير.. ثمّ راح يأخذ من هذه الأدواء في طعامه وشرابه وملبسه غير مبال إلاّ بالرّبح الآني السّريع.. فصار الدّاء عضالا أعياه الدّواء..
لقد فشلت البشريّة في الأخذ بالأسباب بعد وصولها إليها.. وفشلنا نحن خصوصا في الوصول لهذه الأسباب أوّلا، ثم تتبّعنا فشل غيرنا في عدم الأخذ بها بعد أن وصل غيرنا إليها..