فالتلاميذ عندنا يبدؤون دوامهم على الثامنة صباحا، وربما تجد تلاميذا متوجهين لمدارسهم بدءا من السادسة صباحا، وآخرين ينتظرون الالتحاق بمقاعدهم على العاشرة، وآخرون محرومون من الدوام الصباحي؟ والأدهى! أن هناك آخرون يلتحقون بأشباه ملاعب الأحياء -وهي عبارة عن شوارع وجادات مهيئة محليا لممارسة رياضات الشوارع- من الثامنة صباحا إلى ساعات المساء أيام الدراسة والإمتحانات! أما طلبة الجامعات فكأن أساتذة الجامعات يدرسونهم تحت الطلب، فتجوالهم في المقاهي وأركان العمارات، وللمحظوظين بعض فضاءات التسلية أكثر من أوقات جلوسهم في قاعات الدرس. ولضبط تصرفات الإداريين يلزم ما يلزم، فكلما اشتغل موظف فقضى لك حاجتك بعد أن تنتظره من دقيقة إلى ثمان ساعات غاب العديد دونه عملا بمناوبة لا يفقه أصولها إلا مجتمعنا الذكي أكثر من اللازم. وإذا غاب الرقيب في الإدارات الحكومية، فإن التجار وأصحاب المحال قد غنى كل منهم على ليلاه، فلكل منهم نظام فتح وإغلاق وبيع يتغير في اليوم مائة مرة، غير مبالين بالزبائن الصبورين جدا جدا! ولا حاجة لذكر المقاهي والمطاعم، فهي عامرة آناء الليل وأطراف النهار، وربما أغلقت كلها أبوابها أوقات يحتاجها الناس في أيام العطل والراحة والرحلات. هذا غيض من فيض، فكيف للمواطن البسيط أو المعقد أن يخطط ليومه أو حتى ساعته في ظل هذه الفوضى الحياتية العارمة، أو أن يحترم مواعيده مع الآخرين، أو أن يحدد مواعيد للآخرين أصلا!؟ ومما زاد الأمر بهاءا أن نتحدث عن الأنترنيت وعصر السرعة وتكنولوجيا المعلومات، كيف ونحن لم نحدد أصلا نمط حياة مدينتنا اليومي!
نمط الحياة
فالتلاميذ عندنا يبدؤون دوامهم على الثامنة صباحا، وربما تجد تلاميذا متوجهين لمدارسهم بدءا من السادسة صباحا، وآخرين ينتظرون الالتحاق بمقاعدهم على العاشرة، وآخرون محرومون من الدوام الصباحي؟ والأدهى! أن هناك آخرون يلتحقون بأشباه ملاعب الأحياء -وهي عبارة عن شوارع وجادات مهيئة محليا لممارسة رياضات الشوارع- من الثامنة صباحا إلى ساعات المساء أيام الدراسة والإمتحانات! أما طلبة الجامعات فكأن أساتذة الجامعات يدرسونهم تحت الطلب، فتجوالهم في المقاهي وأركان العمارات، وللمحظوظين بعض فضاءات التسلية أكثر من أوقات جلوسهم في قاعات الدرس. ولضبط تصرفات الإداريين يلزم ما يلزم، فكلما اشتغل موظف فقضى لك حاجتك بعد أن تنتظره من دقيقة إلى ثمان ساعات غاب العديد دونه عملا بمناوبة لا يفقه أصولها إلا مجتمعنا الذكي أكثر من اللازم. وإذا غاب الرقيب في الإدارات الحكومية، فإن التجار وأصحاب المحال قد غنى كل منهم على ليلاه، فلكل منهم نظام فتح وإغلاق وبيع يتغير في اليوم مائة مرة، غير مبالين بالزبائن الصبورين جدا جدا! ولا حاجة لذكر المقاهي والمطاعم، فهي عامرة آناء الليل وأطراف النهار، وربما أغلقت كلها أبوابها أوقات يحتاجها الناس في أيام العطل والراحة والرحلات. هذا غيض من فيض، فكيف للمواطن البسيط أو المعقد أن يخطط ليومه أو حتى ساعته في ظل هذه الفوضى الحياتية العارمة، أو أن يحترم مواعيده مع الآخرين، أو أن يحدد مواعيد للآخرين أصلا!؟ ومما زاد الأمر بهاءا أن نتحدث عن الأنترنيت وعصر السرعة وتكنولوجيا المعلومات، كيف ونحن لم نحدد أصلا نمط حياة مدينتنا اليومي!
مراتب التهريج
إذ كيف لمدرس أن يكرر الأخطاء اللغوية التي يلقنها للتلاميذ منذ عشرين سنة ونيف إلا إذا كان مهرجا؟ وكيف لرب الأسرة أن يتخذ قرارا بتزويج بنت أو تطليق امرأة وهو جليس مقهى ثم يلحس كلامه في الجلسة التالية إلا إذا كان مهرجا؟ وكيف لرئيس مؤسسة أن يطلق مشروعا بكلمة ويسخر فيه كل الطاقات لنفحة، ثم يبطل المشروع وربما بنفس النفحة إلا إذا كان مهرجا؟ والظاهر أن مظاهر التهريج وامتداده أكبر مما نتصور، وفوق كل الحدود! ولكن؟ هل التهريج الذي نمارسه مرده فعلا للنقص البشري، أم أنه نتاج الهزل والانهزام الذي نعيشه على كل الأصعدة؟ الواقع أثبت ويثبت أن هذا التهريج من خصائص أهل التخلف. ذلك أن الأمة التي تتعامل مع الجرائم التي ترتكب كل يوم في حق لغتها، وعلمها، وهويتها، وحضارتها على أنها نكت وطرائف تتندر بها الصفوة في مجالس السمر هي فعلا أمة الهرج والتهريج!
النجومية والشهرة (1)؟
أزمتنا مع الماضي (1)
إن هذا لشيء عجاب، وإن ما نعانيه اليوم وتعانيه الأمة منذ قرون يعود قسط كبير منه إلى هذا الإحباط المزمن للأجيال من الأجيال السابقة لها! فإذا تقصينا جميع محطات النصر التي مرت بها الأمة الإسلامية عبر التاريخ، وجدنا صانعيها شبابا! بدءا من الوحي الإلهي على خير الأنام صلى الله عليه وسلم، وكيف انبرى الشباب لعادات وأوثان الشيوخ، مرورا بالفتوح العسكرية كالأندلس والقسطسنطينية، فالفتوح الفكرية لأبي الحسن الأشعري وابن رشد وغيرهما، وصولا للحركات التجديدية لابن باديس وبن نبي وغيرهما، ثم الثورات التحريرية في الجزائر وغيرها.. وفي كل نجد أن الصلاح والتغيير الذي يحكم عليه التاريخ لاحقا كان دأب الشباب أو يتبعه ويحققه الشباب، فيما القوة المثبطة والمُحبطة فيه ذهنيات أشباه المشايخ ومُدَّعُو الحكمة والحقيقة المطلقة -دون تعميم طبعا-! وعلى عكس ذلك نجد فترات الركود والرقود هي السنوات التي تسيطر فيها قدسية التقليد والتقديس والتأليه أحيانا. فكلما سادت فكرة الشيخ والسيد والزعيم الأوحد والمفكر الملهم، دخلت الأمة مرحلة الاستكانة والرضى بالنوم والكسل، وتعطلت آلة الفكر والعمل، وأصبح الناس موظفين لدى المجتمع لا أفرادا منه! ولا تنقصنا الأمثلة على ذلك من بداية الحكم الأموي، مرورا بعصر الضعف -وليس هو عصر الضعف الوحيد في تاريخ أمتنا- وما جره من تتار وأتراك، وصولا لما نحن عليه اليوم. فإذا كانت هذه شهادة التاريخ، فكيف يحق لأي كان أن يحبط همم الشباب ويسفه أحلامهم، ويصفهم بالغوغائية والتهريج وعدم تحمل المسؤولية، ويصر على الوصاية عليهم وحرمانهم من أبسط صور الحرية في الفكر والعمل؟ أم أن وراء السلوك أفكار أخرى؟
بين المنزلتين
عن المشاركة والتضامن
كثيرا ما نسمع عن الانفراد.. والخروج عن الجماعة.. ومخالفة رأي الأغلبية.. وكل تلك الصفات التي تصنف صاحبها مع الخونة والمرتدين! ولكن، هل تحلت هذه الجماعة أو الأغلبية بروح الجماعة وأساسيات العمل الجماعي؟ كثيرا ما تطالبنا هذه الأغلبية -إن صدقت- بالمشاركة في تحمل المسؤولية، وهو ما يعني المشاركة في تحمل النتائج والأعباء لا غير، إذ غالبا ما تكون المشاركة الوحيدة في الموضوع!
المشاركة الحقيقية تقتضي المشاركة في كل شيء، فإذا أردت مني تحمل مسؤولية قرار ما أو حل ما، عليك أن تشركني في اتخاذ هذا القرار وصياغة هذا الحل! عليك أن تطرح الأمور بشفافية من البداية، فنحدد الخلل معا، ونحصر المشاكل معا، ونفكر في الحل معا، ونصيغ الحلول والقرارات معا. عندها لا معنى للحديث عن المشاركة، فالمشاركة عندئذ تكون أمرا واقعا لا يحتاج إلى تأكيد.
أما أن تعتبرني قاصرا عن التفكير والتحليل، فتقصيني من دائرة القرار والنقاش، فتفرض بالتالي نظرتك القاصرة للموضوع، فالأولى بك أن تواصل اعتبارك بإقصائي من التنفيد وتكمل وحدك ما دمت قادرا ومتمكنا.
فأنت في حقيقة الأمر تبحث عن تابع تشاركه الفشل الذي أنت مقبل عليه، وأنت وحدك المسؤول عنه.. ولكن عذرا، فهذا الدور دون مستوى طموحاتي.