مع مرور أيّام رمضان، واستتباب الأمن على مستوى المطابخ وقبالة التّلفزيونات، استقرّت المتابعات على نوع من البرامج ما كانت لتحتلّ لها مكانا بين المسلسلات والكاميرات الخفيّة في الماضي.. إنّها برامج البطن والمُصرَان..
لقد انتقلنا من مجرّد برامج أسبوعيّة عابرة للطّبخ تقدّمها سيّدة أو سيّدتان على المستوى الوطني.. إلى برامج متخصّصة بميزانيّة ضخمة همّها الوحيد، الجهاز الهضمي.. وانتقلنا من مجرّد برنامج عن كيفيّة سلق الخضار أو تحميص الدّجاج أو تحضير المقروط.. إلى مسابقات في الطّبخ للمحترفين، وأخرى للهواة، وأخرى للأزواج، وأخرى للمشاهير، وقعدات حول أطباق، وسفرات للأكل والطّبخ، وتحدّيات في الطّهي، وبرامج للمقالب عن الطّبخ..
لقد صار الطّبخ ترفا واحترافا وفنّا وعلما بعد أن كان مجرّد وسيلة لإشباع البطن.. فصار غاية في نفسه هدفا قائما بذاته.. لدرجة أن برامجه صارت تحتل الصّدارة في رمضان عوض المسلسلات والمقالب ورنّات العود..
والعجيب إقبال النّاس على هذه القنوات في رمضان نساءا ورجالا.. ربّما بدافع الجوع.. ولكنّ هذا الإقبال يستمرّ حتى بعد الإفطار.. ربما بدافع الشّبع..؟!
المهمّ أنّنا صرنا نقدّس الأكل في حياتنا وصار له حيزّاً أكبر من مجرّد سدّ رمق أو دفع جوع.. فهل هو دليل رقيّ للإنسان.. أم دليل شهوانيّة وخلود إلى الأرض؟