الدخول العثماني إلى الجزائر ودور الإخوة بربروس 1512-1543

في هذا الكتاب لصاحبه محمد دراج، نجد مادة دسمة لفترة مهمة من تاريخ الجزائر الحديث. هي فترة فاصلة بين الدولة بمفهومها القديم وبين بواكير الدولة الحديثة القائمة على الولاء للشخصية المعنوية الجامعة للقيم والتاريخ والمصير.
في هذه الحقبة المفصلية أيضا، تحولات مجتمعية هامة، تكرس مرحلة الخروج من الحضارة لعالمنا الإسلامي، ودخولنا مرحلة الركود والجمود. ففي الوقت الذي يتقدم فيه الغرب المسيحي بنهم إلى بناء الدولة والولاء والعمل على تحصيل الرتب العليا في الصناعة والعلوم، تتقوقع القبائل والمدن عندنا على المصالح الذاتية الآنية في جو مهيب من الحسد لتحطيم الأخ من أجل الظهور ولو تحت أقدام الأعداء.
من هنا كانت معجزة الدخول العثماني إلى الجزائر وبداية تكوين نواة هذا الكيان برغم قبلية وذاتية مقيتة ومتجذرة.
في هذا الكتاب نجد بعض القراءات بين السطور للعوامل التي جعلت الجزائر قوة إقليمية لقرون في ظل الدولة العثمانية، وللعوامل التي جعلت منها لقمة سائغة للاستدمار الفرنسي فيما بعد.
فقوة الدولة العثمانية وتصدي الإخوة بربروس للغرب المسيحي جعل الجزائريين يلتفون حولهم وينبذوا أصحاب النفوذ والمصالح من بينهم، لتتحول الجزائر إلى دار الجهاد في غرب المتوسط.. وما إن تلاشى هذا الهدف بضعف الدولة العثمانية ودخولها إلى مصاف الدول البروتوكولية القمعية فيما بعد، حتى تحول ولاء الجزائريين إلى القبيلة والشيخ كما كان عليه.. لينتهي الأمر بالمستدمر بينهم يأكل القبيلة بعد الأخرى والشيخ بعد الآخر.