لكي سيدي؟!

عندما كنت صغيرا، كنت أكره برامج المرأة وأراها مضيعة للوقت، وكم تمنّيت لو برمجوا عوضا عنها رسوما متحرّكة أو حتّى أفلاما.. وعندما كبرت، تَقَبَّلت الواقع، وأن للنّساء نصيب من الإعلام لشؤون جمالهم وحلاقتهم وموضتهم..
لكنّ الظّاهر أنّ تنازلي أغرى الإعلام وجعله يغيظني ويستفزّني بما هو أنكى!.. لقد وَقعَت عيني -وليتها ما وقعت- وأنا أقوم بجولتي المسائية على قنواتنا الوطنية على حصّة لم أشهد لها مثيلا قبل اليوم! ولو أنّ أحدهم حدّثني بها لاتّهمته في مروءته ودينه وعرضه! لقد كانت الحصّة حواريّة  استضاف فيها المقدّم ضيفين، أحدهما ملِك جمال! أي والله.. ليس ملِكة جمال بل ملك جمال!.. وراح يحدّثنا عن الجمال وكيف أنّه يمضي وقته في الاعتناء بنعومة بشرته وصفاء وجهه وذلك بالأقنعة والمراهم..!؟ والآخر حلّاق، لكنّه ليس حلّاقا عاديا، بل حلّاق وخبير تجميل للرّجال، يحضّرهم ليكونوا ناعمي الملمس عندما يتقدّمون لخطبة نسائهم من أهليهم -والعهدة على الحلاق فيما قال-!؟!؟
وممّا زاد في إعجابي بهذه الوصلة الهزلية في مجتمعنا الضّائع التّائه، سؤال المقدم لملِك الجمال عن مشاريعه المستقبليّة.. وكأنّه حاز شهادة جامعيّة أو مؤهّلا مهنيّا أوإجازة علميّة.. ولماذا بربّك يصلح ملِك الجمال؟ إلاّ إفساد البلاد والعباد، وإعلاء مشاريع العهر والرّذيلة وتشريع التّخنث والميوعة عند الشباب..
لك الله يا أمة حفرت قبرها وراحت ترقص فيه ورصاص عدوّها يخترقها من كل صوب..

من نواميس النفس البشرية.. لا تقترب من الفشل فتفشل

بعد أن ندرك أن للنّفس اندفاع قويّ إما للخير وإما للشّر، وجب علينا أن نوجّهها لما نراه نجاحا وخيرا.. والأمر هنا يختلف من شخص لآخر بحسب طبيعته وظروفه وخلفياته ومحيطه.. وكلّ ذلك منوط بالفرد نفسه، عليه أن يجتهد ليعرف مواطن ضعفه وقوته ومداخل نفسه وشهوته.. ولا يتأتّى ذلك إلا بالتّأمل في الأفعال ومراقبة النّفس وتحليل التّجارب والمواقف..
فمن لمس من نفسه عادة سيّئة مثلا، وأراد الإقلاع عنها، فلينظر في نفسه ولينظر حوله كلّما أقدم عليها أو اشتاقت نفسه إليها، ليحدّد المحفّزات التي تدفعه إليها والطّريق الذي يوصله إليها، لأنّه لا سبيل للإقلاع عنها إلّا بتغير الطّريق المؤدّي إليها.. فإن كانت الوحدة مقدّمة لهذه العادة ليلزم الصّحبة والأهل، وإن كان القلق يؤدّي به دائما لهد العادة فليعمل على احتواء هذا القلق والابتعاد عن أسبابه، وإن كان هناك صاحب أو صديق هو من يدفعه لهذه العادة كلما التقى به فليواجه ضعفه ويحاول إصلاح هذا الصّاحب أو ليقطع علاقته به! وإن كان الفراغ ملازما لهذه العادة فليملأ وقته قبل أن يفرغ بالتخطيط واستباق الفراغ قبل أن يحصل، وإن كان محيطه مستفزا ويدفعه للسيئ فليهاجر أو ليرحل!..
وليعلم أن العادة سيئة كانت أم حسنة هي نتاج تكرار وتكرّر أسباب، فمن أراد العادة الحسنة فليهيء لها أسبابها، ومن أراد قطع العادة السيئة فليقطع عنها أسبابها.