جنائزنا

تنقضي آجالنا في هذه الدنيا ونحن نلهث وراء السراب ونجري وراء أحلامنا حلما بعد آخر، وكلما قضينا حلما أدركناه وهما وبحثنا عن آخر حتى نحمل إلى المقابر..
وكل العجب العجاب أننا نشيع أحبابنا وأمواتنا إلى منازل الآخرة، ونحن نردد عبارات الموت والفناء ونذرف الدموع أحيانا، ثم ما نلبث أن ننسى أو نتناسى هذا العبور الإلزامي لكل نفس بشرية من الحياة الفانية القصيرة الدنيا إلى الحياة الأبدية الباقية الآخرة.
كيف لنا أن نقول العكس ونحن نتبادل السجائر والجنازة مسجاة ننظر إليها؟ وكيف نزعم المقابل ونحن نشيح وجهنا عن فلان وفلان والميت لم يدفن بعد؟ وكيف نزعم غير ذلك ونحن نذكر مثالب فلان ونعيب على فلان عدم حضوره وعلى فلان عدم اتصاله وكأننا في مقام المجاملة أكثر منه مقاما للعبرة والموعظة؟
إن هذه الدنيا لأقصر من أن نضيعها في هذا العبث وفي النواح على الأموات، فأحبابنا نودهم ما داموا أحياءا بين ظهرانينا، ونصلهم ونبرهم وهم يرون الوصال والبر، أما وقد رحلوا، فغير الدعاء والذكر الحسن لا ينفعنا ولا ينفعهم..
والدار الآخرة ملتقى الأحباب في الله.

المدرج الفارغ

تناولت مواقع التواصل الإجتماعي منشورا لأحد أساتذة التعليم العالي يشتكي فراغ المدرجات في بداية العام الدراسي إذ وجد نفسه أمام خمسة طلاب! والحقيقة أن جميع مدرجات الوطن فارغة في بداية العام، فالدراسة عندنا تنطلق رويدا رويدا رويدا.. وقد حدثني أحد الأساتذة أنه تردد لأسبوعين متتالين على القاعة وهي خاوية على عروشها، ليلقي أول درس بعد أسبوعين أمام طالبين فقط؟
والحقيقة أن المدرج الفارغ ما هو إلا رأس الجبل الجليدي، فالظاهرة ما هي إلا نتاج عقلية تضع العلم في ذيل القائمة بعد الإجازة الصيفية، والإجازة الخريفية، والراحة من الإجازة، ومباريات كرة القدم، وجلسات الشيشة، وكل شيء!
أعظم الله أجرنا في العلم والتعليم ومؤسساته.