الموت.. بين الانتظار والعمل ؟

 هذه رسالة بسيطة لمن ينتظر الموت، سواء كان بمظنّة قريبة كحال مريض نسأل الله له الشّفاء العاجل أو المحكوم مثلا.. أو من ابتلي بوسواس وخواطر من الشّيطان تنغّص عليه حياته ومعيشته ونسأل الله له الرّاحة والسّكينة وطمأنينة الرّوح والقلب في الطّاعة والعمل الصّالح..

إنّ انتظار الموت لا يغني من القدر شيئا.. فالموت نافذ عندما يحين الأجل إن الآن أو غدا أو بعد بضع سنين.. فالتّفكير فيه وانتظاره لا يطوي الزّمن ولا يُوقفه.. وكما قال المحقّقون "تصوّرنا لا يغيّر حقائق الأشياء".. وفقهاؤنا ينهوننا دوما عن الانشغال بما لا ينبني عليه عمل ولا نتيجة لإنّه من اللّهو المذموم..

فكّر في الموت بسطحيّة أو بعمق..!! اقض لياليك وأيّامك في تصوّر موتك وتَخَيُّلِ هلاكك والتّبحّر في كيفه وحينه وما بعده وما قبله.. هل سيغيّر ذلك من واقع الأمر شيء؟ هل ستدفعه حين يأتي أو تستعجله قبل أوانه ؟ أقولها لك وبدون تردّد.. لن يغيّر التّفكير في الموت من الموت شيئا.. لكنّه سيغير أشياءا أخرى أهمّ وأعظم..!

هذا التّفكير سيأكل عمرك ويحطّم أيّامك ويجعل حياتك في هذه الدّنيا جحيما.. ويعرّضك للمساءلة يوم القيامة على نعمة الوقت الّتي أفنيتها في غير منفعة ولا فائدة.. لن تدفع الموت ولن تستعجله، لكنّك ستكون بحكم الميّت وأنت بين الأحياء.. وستجعل فضاءك في هذه الدّنيا فارغا وأنت تشغله.. سترى النّاس من حولك يعملون ويعمرون هذه الدّنيا وأنت عالة عليهم وعليها.. سترى عمرك ينفلت من بين يديك وأنت لم تقدّم لك أو لغيرك شيئا فتزداد حسرة وأسى.. ولن تغيّر من الأمر شيئا..

لا تنتظر الموت.. بل اعمل لما بعده وأطع ربّك وأصلح دنياك وآخرتك.. انهض من غفلتك ومنامك.. فالنّاس نيام وإذا ماتوا استيقظوا.. فاستيقظ من الآن، ليس بالموت ولكن بالعمل لما بعده..

ولا تُسَوِّف فالوقت لا يتوقّف عند أحد..