آن الأوان أن نفترقا..

حدّثني أحدهم أن آخر أيّام رمضان يُحزنه.. وكأنّ مغفرة الله توشك على الانقضاء.. والحقيقة أن آخر يوم في رمضان يحزننا جميعا.. فالخير كلّ الخير في رمضان.. رحمة ومغفرة وعتق من النّار..
لكنّ عزائنا أن نُحسِن الظن بالله، فهو ربّنا وربّ رمضان وربّ الشّهور كلّها.. جعل لنا مواسم تتبدّل علينا.. فبعد رمضان.. ستحلّ الأشهر الحُرم.. وعشر ذي الحجّة.. ثم شهر الله المحرّم.. ولنا الإثنين والخميس من كلّ أسبوع.. ولنا الجُمُعات..
وعزائنا أن نحسن الظنّ بالله فنطمع أن يتقبّل منّا رمضان صيامه وقيامه.. وأن يرحمنا بمغفرته وعتق رقابنا من النّار قبل انقضاء آخر يوم منه..
من وَجَد في وِجدَانه وَجدٌ من رمضان.. فهو من تقوى القلوب.. وهو بشارة في الدّنيا على بشارة الآخرة..
جعلنا الله من المقبولين..

عيد وعطلة

كثيرا ما يصادف العيد عطلة نهاية الأسبوع.. وربّما يكون الحال هذا العام.. الفلكيون وأصحاب الحسابات يقولون أنّ العيد يصادف يوم الجمعة.. والوزارة تؤكّد أن لجنة الأهلّة وحدها من يحدد يوم العيد بالرؤية ثبوتا وعدما..
والموظف لا يهمّه ذلك كثيرا، إنّما يهمّه أن يكون العيد يوم السّبت لكي يرتاح يوما آخر من عناء الوظيفة..
سيحتدم النّقاش مرّة أخرى هل نصلّي الجمعة يوم العيد أم لا.. وسيتبارى أناس للعمل بالرّخصة اتباعا للسنة؟!.. وستفرغ جوامعنا هذا العيد أيضا إذا صادف يوم الجمعة.. نحن متديّنون مع وقف التنفيذ، مع ضمان الحدّ الأدنى من الخدمات..
أهل غزّة لا يأبهون بيوم العيد أجمعة كانت أم سبتا.. فجمعة المسلمين لم تغن عنهم شيئا.. فجُمَعُنَا للملابس والعطور لا للجماعة ونصرة الأمّة.. وسبت اليهود صار كلّ أيام الأسبوع عندهم..
كل أيام الأسبوع تلعن تقاعسنا، وتنأى بنفسها أن تكون عيدا لنا..

ترقب العيد

ننتظر رمضان ونُجهِّز بيوتنا لاستقباله.. نشتري الأواني الجديدة.. ندهن جدران البيوت.. تقوم النّسوة بتَعزِييفِ المطابخ والغرف.. وعندما يأتي رمضان نكون قد أُنهِكنا وخارت قُوانا.. ونُمضي نهاره نائمين أو جريا في الأسواق..
حتّى إذا مضى نصف رمضان أو جلّه، أدركنا أننا فرطنا فيه.. ثم نسيناه!... واستعدنا نشاطنا، وبدأنا في التّجهيز للعيد.. نُغَيِّر زينة البيت لاستقبال الضّيوف.. نُحضِّر الحلوى.. ونجري في الأسواق لشراء الملابس والحليّ..
حتّى إذا جاء العيد أسقَطَنَا التّعب ونال منّا الوهن.. ومضى العيد سريعا..
هي هكذا حياتنا.. تحسر على الماضي.. وتحضير للوَافد الآتي.. حتّى إذا جاء لم نَعِشهُ لأنّنا منهكون ومتعبون.. نعيش ماضينا ومستقبلنا.. لكنّ الحاضر عندنا معدوم مفقود..
ونتسائل لماذا فُقِدت اللّذة من كلّ شيء..

ليلة القدر

ليلة القدر خير من الف شهر.. إنّها ليلة القدر، ليلة الإجابة والأجر الوفير المضاعف.. ولكنها خافية علينا حتى لا نكون على ما نحن عليه الآن.. في ألف ليلة وليلة..
الدّين حياة ومنهاج، عطاء وبذل متواصل، وعمل متراكم.. أمّا نحن.. فالدّين عندنا فُرصٌ ومواسم.. نَخبِزُ طول العام بين رقص وشطح وفساد.. ثم ننتظر ليلة القدر لكي نمحو الذنوب..
ليلة القدر ليست عصا سحرية لذوي الأسقام والأدران.. بل هي نتيجة أعمال ونيّات وعبادات.. فالسّيدة عائشة رضي الله عنها كانت جوادة كريمة قوّامة صوّامة.. وسألت النبي عمّا تقول في ليلة القدر.. فهي الجائزة.. أما العاصي وقاطع الرحم.. فما عساه أن يكون حظّه من ليلة القدر..
إنّ حالنا مع هذه المواسم كمن لبس الجديد وتعطّر وتبرّج لحضور حفلة التّخرج آخر السّنة وهو لم يحضر امتحانا واحدا طول العام..
كل عام ونحن بانتظار ليلة القدر..

المطبخ تحت الحصار

مع اقتراب العيدـ أَهَلَّهُ الله علينا جميعا بالعافية، أُغلقت منافذ المطبخ واستُنفِرَت جميع نسوة الدّار لإعداد الحلوى.. فالطّحين يحاصر المكان، وحرارة الفُرن وزيت المقلاة تحاصر الداخل وتمنعه من الاقتراب للضّرورة الحلوانيّة..
نعم.. هناك فرق بين حلويّات اليوم وحلويّات البارحة، لكن الجوّ هُوَ هُوَ.. تعب نهارا، وشكوى ليلا، ووعود بعدم تكرار ذلك، وتعهّدات بصناعة نوع أو نوعين فقط العام المقبل، أو شراء الحلوى بدل صنعها في المنازل.. كلّها وعود تتسلّق الجدران وتضمحلّ مع هلال الشّهر في العام المقبل لمن كتب الله له شهودَه..
هي عادات حميدة، احتفال بعيد من أعياد الله التي شرعها وأقرّها.. فرح للأهل واستقبال للضّيوف وإكرام للأحباب.. وحتّى تعب أمّهتنا  وزوجاتنا وأَخَوَاتنا وبناتنا ينبغي أن يُوَجَّهَ للشّكر لا للشّكوى بمساعدتهنّ وتذكيرهنّ بأنّ هذا الاحتفال إنّما هو لشعيرة من شعائر الله..
تعب ينبغي ألاّ يدخل حدّ المغالاة والتّبذير.. وألاّ ننسى منه من ضاقت عليه الدّنيا وعجز عنه..
كلّ عام ومطابخكم عامرة في الأعياد شكرا لله..

فن الدعاء في رمضان

التقى هوّاري وعبد القادر بعد الإفطار متوجّهين إلى المسجد لصلاة التّراويح.. لكنّ هواري فاجأ عبد القادر بأنه غَيَّرَ المسجد لأنّه عثر على مسجدِ آخر فيه إمامٌ يدعو جيّدا.. أي والله.. بل إنّه يدعو "رَوعة!"..
الدّعاء من معايير الجودة "إيزو" لصلاة التّراويح.. فهو مُؤشِّرٌ على ورع الإمام، وجمال صوته، وقدرته على الإبكاء!..
لا أفهم كيف نستطيع تقييم الدّعاء.. بين جيّد وحسن وضعيف؟.. ربّما كُشِفَ الحجاب عن بعض النّاس حتّى عرفوا هل هو مستجاب أم لا؟!..
الدّعاء عندنا تحوّل من صلة بين العبد وربّه وعبادة الغرضُ منها اكتساب الأجر وتحصيل المطلوب إلى وصلات إنشاديّة وربّما غنائيّة أيضا يتبارى فيها المؤدّون بين مقامات الصّبا والنّهاوند.. ويطرب لها الجمهور.. فيبكون بكاءاَ لا يبكونه أمام آيات الوعيد وكلام الحقّ..
من هنا أصبحت رنّات الهاتف دعاء.. ورنّات الانتظار دعاء.. وخلفيّات المسلسلات والإعلانات دعاء..

الاعتكاف

أمن يتدخّل لإخلاء معتكفين في مسجد.. في بلاد المسلمين.. العرب.. والمسلمون الأتراك يخصّصون قرابة الألف مسجد للاعتكاف.. والإمام الخطيب في كلّ مسجد يُذكِّرُ النّاس بالعشر الأواخر من رمضان، وضرورة الاجتهاد، ويُذكِّرُهُم بسنّة الرّسول.. الاعتكاف في العشر الأواخر؟!..
الاعتكاف فرصة لتذكيرنا بأن الدّنيا وما فيها ملعونة إلاّ من ذكر الله أو عالم أو متعلم.. فهُجران الدّار ولو لبضع أمتار وملازمة بيت الله تذكِرة لنا بحقارة الدّنيا.. وأنّ خير ما فيها عبادة الله..
لقد نسينا هذه السُّنّة.. ولولا كتب الفقه لما تعرّفنا عليها.. ربّما لأنّ الدّنيا تُملِكُتنا.. أو ربّما لأنّ الضّرورة أغلقت المساجد إلاّ في أوقات الصّلاة..
نسينا أمرا مهمّا جدّا.. فلقد علمت أنّ المساجد تستهلك الكهرباء كثيرا!!.. فإذا أضفنا استهلاك الماء.. واعتكفنا فزدنا من استهلاك الماء والكهرباء.. أثقلنا كاهل الاقتصاد..؟!
فليعتكف كلّ منّا في بيته.. يكفينا هُجران الدِّيار للاستجمام والاسترخاء والتخييم والسّباحة والتّسلق.. فلنمكث في بيوتنا قليلا!..
كل عام وأنتم في بيوتكم..

لا تثقلوا على أهل الجنائز في رمضان

ربما تكلّمت كثيرا عن جنائزنا.. ولأكثر من مرّة.. لكنّني وجدت نفسي أكتب عنها مرّة أخرى لموافقة شهر رمضان..
عندنا، يجتمع النّاس على أهل الميّت للعزاء.. وسرعان ما يتحول العزاء إلى قاعة شاي ومطعم بعيدا عن العبرة والموعظة الحسنة وتذكّر الموت والآخرة.. ولقد شاهدت بأمّ عيني أناسا يرفعون هواتفهم لدعوة الأصحاب إلى عشاء الفُرُوق كما يُدعَى المعازيم إلى الوليمة!!!..
وفي رمضان يجتمع النّاس على أهل الميّت بعد التّراويح لأكل الطّعام (الكسكس).. فأهل الميّت مع ما هم فيه من مصيبة الموت.. مُجبرُون على تحضير الأكل لإفطارهم.. وإفطار أهلهم المسافرين.. ثم تحضير العشاء بعد ذلك للجيران والأصحاب الذين يمكنهم الحضور والمواساة لساعة من الزّمن، يرتشفون بعض القهوة ويأكلون بعذ الشاميّة ثم يمضون إلى ديارهم للسّحور..
لماذا لا نبدأ بتغيير عاداتنا لتتوافق أكثر مع الشّرع ولنخفّف على بعضنا البعض، ونهتمّ أكثر بالمواساة من اهتمامنا ببطوننا..
نسأل الله الهداية!

العشر الأواخر من رمضان

كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر من رمضان أكثر من غيرها.. أمّا نحن فنجتهد فيها دون غيرها.. وشتّان بين الاجتهادين!.. أن ندرك أن الله معبود سائر الأوقات وفي كل مكان، إلاّ أنه زاد الفضل في بعض البقاع، وفي بعض الأوقات، فهذا أمر مقبول.. أمّا أن نعبد الله في المواسم  والأعياد وعند الحرم.. ثم نعصيه باقي الأيام، وفي كل شبر من الأرض.. فهذه تجارة خاسرة بوار لا ربح فيها..
سمعت عن موظّف ترك مكتبه والنّاس قيام من الصّباح إلى المساء حوائجهم لا تقضى ولا يقضى عليها.. لأنّه لا يعمل في العشر الأواخر من رمضان لأنّه يعتكف ويجتهد فيها..
وسمعت عن طبيب يأتي متأخّرا، ويخرج قبل الدّوام ويحث الممرّضين على زحلقة المرضى لما بعد العيد لأنه يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويلتزم المسجد ليلا، فلا يقوى على العمل نهارا..
الاجتهاد في الطّاعة لا يكون إلاّ من الفرائض للنّوافل.. أما قلب البوصلة وبدء الاجتهاد بالنّوافل طمعا في الوصول إلى الفرائض فغايته تضييع الفرائض والنوافل معا..
أداء حقّ العمل والعمل بالأجرة على تمامها ركن من أركان هذا الدّين.. فكيف بمن ضيّع ركنا من أركان الدّين أن يأتي بالنّوافل من قيام واعتكاف وجوار..

رائحة رمضان

تتطوّر حاسّة الشمّ عند الصائم بشكل رهيب!.. يصبح قادرا على تتبّع مسار الروائح وفرز مكوّناتها.. لدرجة أنّه يستطيع تحديد مكوّنات طبق اليوم دون الدّخول للمطبخ.. حريرة أم شربة، سمك أو لحم، وأيّ نوع من السّمك، وأيّ نوع من اللّحم، وكسرة منزل أم  رغيف من المخبزة.. ويصل حتّى إلى أنواع البهارات..
فلا عجب إذا كنّا نتحدّث عن رائحة رمضان، وكيف تغيّرت عبر الزمن.. والحقيقة أنّها ليست إلا رائحة الطّبخ التي يجعلنا الجوع أكثر حساسيّة لها، وتجعل عقولنا تربطها برمضان، فنَحِنُّ إليها كلما تغيّرت كمّية اللّحم أو السّمك أو البهارات..
فرمضان ليست له رائحة، وحنيننا إلى رمضان أيّام زمان لا يعدو كونه حنينا إلى طبخة أمٍّ أو جلسة أبٍ أو ضحكة ابنٍ أو وجه حبيب أو حبيبة.. إنّها الأيام لا تعود ولا تكرّر، ولكن طَيفَها يلُوحُ كلّما لاح قَرِينُها، وقرينُ الأيّام رائحة أو عطر أو نغم أو كلمة أو لون..
جعل الله أيامنا وأيامكم بروائح الإيمان والطّاعة، وأعاذنا من روائح الفرقة والفراق..

صيام وصيام

قرّرت من زمان أن لا أبرح بيتي في رمضان!.. لكن للضّرورة أحكام، عمل وتسوّق وزيارات.. والحقّ أن كلّ شغل يصبر لما بعد رمضان، أدفعه لما بعد رمضان..
سمعت أن شابّين ضُبطا بفعل فاضح في مكان عامّ نهار رمضان.. شابّ وشابّة! حتى لا تشطحوا بأفكاركم بعيدا!!!.. وسمعت موظّفا يحلف ويقول لمواطن لقد حلفتُ ألاّ آخذ أقلّ من كذا وكذا لكي أخدمك (على سبيل الرّشوة طبعا)، لا أريد أن أحنث، فالحِلف عظيم!.. كلّ ذلك في نهار رمضان..
هو صيام بعض النّاس في رمضان.. لست أدري لمن يصومون.. وكأنّنا في وثنيّة الإغريق.. إله للصّوم وآخر للصّدق، وإلهة للحبّ.. فلك أن تصوم لهذا الإله، ثم تزني فتغضب إله آخر غير إله الصيام، ولك أن تكذب، ولن يغضب إلاّ إله الصّدق..
لقد نال منّا الفُصام وازدواجيّة الشخصيّة حتى صرنا مجانين..

ومن يعظم شعائر الله (2)

كنّا نتسابق ونحن صغار إلى الصّيام، ويفاخر بعضنا بعضا بالصّيام.. أتذّكر عندما كنّا نتحاشى أصحابنا ونحن مفطرين.. ونُخرج ألسنتنا لنبرهن لأصحابنا..  ونتعاير بيننا.. "وَكَّال رَمضَان، مَحرُوق الاعظَام!!.."
لا يفطر أحدنا في رمضان إلا لعذر.. على مضض.. لكنّنا نرى اليوم النّاس تتسابق إلى أعذار رمضان لكي تفطر.. سمعت عن مرضى نسمّيهم نحن مجانين.. يرفضون الإفطار.. وأعرف عجائز انحنت ظهورهم.. يرفضون الإفطار..
لكنّي أعرف طلبة جامعيين.. في إقامات جامعية.. بوجبات ساخنة.. وأسرة وساعات صيام مخفّفة.. يُفطرون لأنّهم على سفر.. أي والله!.. ويقولون أن الله يحبّ أن تؤتى رخصه كما تؤتى فرائضه..!؟ 
وأعرف من أفتى بالإفطار لأهل الكرة.. رياضة الجري وراء جلد منفوخ.. لم تكفنا أموال تدفع في كرة تنطّ هنا وهناك.. حتى صار يُباح من أجلها الفطر في رمضان..؟!
ولست أستغرب إن خرج علينا يوما من يُجيز الإفطار لمن أحيا حفلا يميت فيه قلوب الناس.. أو اشتغل بالتمثيل في فيلم لأنه كمن يجاهد في سبيل الله!.. أو خرج في سياحة لأن في شرعنا "ساعة وساعة"..
لقد بلغت جرءتنا على الدّين حد الوقاحة.. وبلغ استهزاؤنا بشعائر الله حد استنزال العذاب..
اللهم عافنا في ديننا ولا تسلط علينا في عبادتنا السّفهاء..

ومن يعظم شعائر الله (1)

أعرف عجوزا لا تحبّ الإفطار في رمضان.. فرغم كبر سنّها ومرضها الشّديد وتحذير الأطبّاء، لكنّها لا ترى نفسها تفطر في رمضان!!!.. جَرَّبَت اليوم الأوّل ثمّ الثّاني.. ثمّ أَنهَكَهَا المرض وأوقعها!.. عندها أفطرت على استحياء.. بعيدا عن أعين أولادها.. وتمنّت عليهم ألاّ يخبروا أحدا.. وأعرف شيخا كذلك.. وشيوخا وعجائز يُمضون اليوم على الفراش لكن لا يفطرون.. إنّهم يعظمون شعائر الله، ويرون انتهاك حرمة الشّهر كفرا!!
ورأيت في العام الماضي شُبَّانا بقنّينات الماء نهارا.. لأنّ أعمالهم شاقّة، ولأنّ العالم الفُلاني أفتى بجواز الإفطار لأصحاب المهن الشّاقة.. وآخر عندما خَاصَمَهُ النّاس قال لهم.. أنا مريض.. المرض عذر.. والمشقّة عذر.. لكن الأكل أمام النّاس في ساحة عامّة لاعذر له.. ولك بيت ولك مكتب ولك مساحة تختلي فيها مع نفسك..؟!
فرق بين من يرى رمضان من شعائر الله، وبين من يراه عقوبة يبحث لها عن عذر ويجاهر به وكأنّه البراءة من ذنب عظيم..
كلّ عام وأنتم بخير..

حلق وحلقات

كانوا يجتمعون على تمر أو قصعة لبن يتناولونها الواحد تلو الآخر، ثم يمضون كلّ واحد إلى شغله.. وأشغالهم تجارة يديرونها أو حياكة أو نجارة أو زراعة.. يأتيهم رمضان فلا يتغيّر شيئ.. يقضون صلاتهم ثم يمضون إلى أشغالهم.. يُفطرون على تمر أو لبن أو ماء.. أو أكثر من ذلك لمن له ذلك.. ثم ينشغلون بذكر وصلاة ودعاء.. وإذا دعا داعي الجهاد أو الدّعوة لبّوا.. كانوا يتحلّقون حول آية أو ذكر أو علم.. أو طعام.. كانو يتحلّقون حول نبيّهم.. كانت لهم حِلَق لا تعرف رمضان إلى كما تعرفه بطونهم..
ليست لنا حِلَق كحِلَقِهم.. فنحن لا نَتَحَلَّقُ إلا لتصوير مصيبة أو النّظر إليها.. لكن لدينا حَلَقَات.. حَلَقَات نعرفها في رمضان.. لا نستطيع تركها حتّى للصلاة!.. فربما تزوج أَبُو كُعَالَةَ من أُمِّ الخُدُودِ في هذه الحلقة؟!.. ولدينا حلقات من السّخرية والسّماجة.. وأخرى من التّفاهة والوقاحة.. وحلقاتنا تعرف رمضان وتُنسَبُ إليه..
كانت لديهم حِلق.. ولدينا حَلقات.. الجذر واحد والفرع شتّان..