دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين

في هذه الرسالة لأستاذنا الكبير مالك بن نبي، والتي ضمنها محاضرتين ألقاهما في دمشق، يستعرض المسؤولية الملقاة على عاتق المسلم مع نهاية القرن العشرين.
والمؤلف إذ يعرض تهاوي منظومة القيم لدى الحضارة الغربية مع فقدان مبررات وجودها ورسالتها، يهيب بالمسلم أن يستلم مشعل الحضارة من جديد لينقذ نفسه من التخلف عن الركب، وينقذ الآخرين من المصير المحتوم الذي يسيرون إليه مع نفاذ المخزون الحضاري وفقدان قيم الرقي.
ومما أعجبني في هذه الورقات القليلة عددا والمتخمة بالأفكار والإرشادات، توصيفه لشروط أداء الدور المنشود حتى يتحقق الإصلاح. وفي ذلك يشبه المسلم بالماء الذي تنتظره الأرض العطشى ليرويها، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان مستواه أعلى من مستوى هذه الأرض! فلن يتحقق الإصلاح من المسلم إذا لم يرفع مستواه فوق مستوى الآخر ليرفعه إليه، أما إذا رضي بالدون فلن يزيد العالم إلا جرا للأدنى..
والسؤال الذي يحيرني، ماذا بعد مرور أكثر من أربعين عاما على رسالة مؤلفنا.. هل رفع المسلم مستواه واستلم مشعل الحضارة وبدأ في إنقاذها من الإفلاس؟

بيع العملات بالتفاضل (من فقه النوازل)

الكتاب موضوع التدوينة كتاب فقه، وهو رسالة بسيطة فيها إجابات عن ثلاثة أسئلة لمحمد يحيى بن محمد المختار الوالاتي مع تحقيق الدكتور أحسن زقور من جامعة وهران. وموضوعها دقيق مفيد لأهل العلم وطلبة الفقه والأصول، ليس المقام هنا لعرضه أو مناقشته. وإنما أردت الكتابة عنه لاستعراض بعض الملابسات المتعلقة بالمؤلف والسياق.
المؤلف من علماء المغرب الإسلامي، صاحب مؤلفات عديدة لازالت حبيسة رفوف الزوايا تنتظر من يحققها ويخرجها للطلبة والباحثين، وهو شخصية فذة استوقفني ما نقله عنه المحقق حين قال: "إن ضوء النهار أعز من أن يستغل في غير قراءة الكتب". وهذا القول يطلعنا على حرص علماءنا على تحصيل المعرفة، وحياته اليومية كانت شاهدة على ذلك.
والشيخ الوالاتي ليس ببعيد عنا حتى نقول إنه من السلف أو من الزمن الأول وإنما عاش في القرن الماضي فقط.
ومما نقف عنده أيضا حرص هذا الطراز من العلماء على توثيق علومهم ونشرها، فكان هذا الكم الهائل من التراث الفقهي والمعرفي لدينا. وهو ما نراه غائبا عنا للأسف الشديد، فنجد طلابنا وعلماءنا بين محصل للعلم من أجل الدنيا بلا حظ من الإفادة والتبليغ والتوثيق، وهؤلاء الغالبية من أصحاب المعاشات والوظائف، وبين محصل للعلم ومتبحر فيه لكن حظه من التأليف والتوثيق ضعيف لتقاعس أو إهمال.