طوفان الأقصى.. المصحّح

علّمتنا القنوات والجرائد والرّوايات الهابطة.. وبعدها الأنترنيت وكلّ الإعلام الماسخ بأذرعه النّتنة مفاهيم خاطئة مقلوية.. مفاهيم نتشدّق بنبذها والتّحذير منها، ولكنّنا عمليّا نتصرّف بمقتضاها ونفكّر بممنطقها ونعيش بروحها..

مفاهيم سكنت الوجدان واللّاشعور ولاشعور اللّاشعور.. من هذه المفاهيم أنّ البطل.. أو الرّجل بتفخيم الحروف.. هو من خرج من بيته عاريا أو شبه عار، وسبّ الدّين.. وتطاول على أعراض النّاس.. وحبّذا لو نفث الدّخان كالتّنّين.. أمّا إن كان سكّيرا وحمل السّيف والسّاطور.. فهو أرجل المراجل وأبطل الأبطال..

فهذا النّمط الكرتوني السّينيمائيّ الفجّ السمجّ الممسوخ.. متى تَصَوّر في حيّ من أحيائنا رأيت المدح في ألسنة الرّجال، وسمعت الإعجاب في أعين النّساء.. ولمست الاقتداء في حركات الصّغار.. وإن كان النّاس يتظاهرون بذمّ الخمر والدّخان والبلطجة، فإنّهم يصفون صاحبها بالرّجولة والقوّة ويتجاوزون له الخطايا والآثام.. ويصفون صاحب الفضيلة والتّقوى بالنيَّة والهَنكَشَة ويتصيّدون له الأخطاء والهفوات..

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. ليصحّح لنا المفاهيم.. فالرّجل الحقّ والبطل الصّح ليس من عرّى نفسه وسبّ ربه وآذى النّاس.. إنّما هو من صبر على الوحدة لشهرين، وصام فأفطر على تمرتين، ثم صلّى ركعتين.. لينطق الشهادتين ويفجّر دبّابتين ويكبّر تكبيرتين.. وفي كلّ مثنى، واحدة له رافعة وواحدة علينا شاهدة..

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. ليصحّح لنا المفاهيم.. فكلام الفحش وسبّ الدّين والجهر بالسّوء قد يُسمع شارعا أو حيّا.. ويردع دارا أو عمارة.. ولكن كلاما نقيّا بسيطا مثل "ولعت" أو "لا سمح الله" يُسمع أجيالا لم تأت بعد.. ويردع جبابرة وطغاة لا يردعهم من النّاس رادع..

ثم جاء طوفان الأقصى.. ليصحّح لنا المفاهيم.. فالمشي عاريا أو شبه عار قد يؤذي النّاس في أعينهم وذوقهم.. لقبح وبذاءة لا لحسن وأناقة.. أمّا اللثام على أوجه الرّجال فهو يؤذي أعداء الله على بعد قارّات، ويشفي صدور قوم مومنين وهم تحت التّراب..

والله المستعان..

طوفان الأقصى.. المعلّم

علّمنا طوفان الأقصى أننا لسنا بدعا في التاريخ.. ولا خارج بحر الأحداث على مرّ السّنين والأزمان..

لقد توهّمنا أنّ الذّلّة والمسكنة التي ضُربت علينا وعلى حُكّامنا ومن قبل ذلك على عقولنا وأفكارنا وحتى أحلامنا، توّهمنا أنها سرمديّه أزليّة أبدية..

وتوّهمنا أن علاقه الاستعباد والخنوع التي تربطنا بالعالم الغربي إنّما هي قضاء وسنّة وطبيعة راسخة جامدة محتومة.. لا رادّ لها ولا مغيّر لها..

لقد توهّمنا أنّ أيّ إراده للتّغيير والتّبديل ورفع الظلم، إنّما هي شطحة خيال أو لوثة جنون أو ضرب من الخيال..

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. ليعلّمنا أنّنا من نصنع التّاريخ بأيدينا وأن التّاريخ وإن كان قدرا محتوما من عند الله فقد جعل الله لنا سُنَنًا لنكسب بها أفعالنا ونصنع بها أمجادنا أو نهوي بها في غيابات الذلّ والهوان.

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. ليعلّمنا أن التّاريخ يتبدّل وأنّه متغيّر وأن دوام الحال من المحال وأنّما الاعتقاد بأنّ الزّمن ساكن هو مجرّد قابلية مقيتة للهوان وسكون إلى العيش الذليل..

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. ليعلّمنا أن أوهام الجبر والاضطرار أكبر سلاح يحاربنا به أعدائنا فيصنعون لنا به أصناما يغرسونها في عقولنا نعبدها فتحجبنا عن الواقع.. وما إن نكسر هذه الأصنام فإننا سنذهل بحقيقه الواقع.. عدوّ جبان وجيش خوّار وأبطال من ورق..

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. ليعلّمنا أننا أقوياء وأذكياء وأبطال وإن حُرمنا المال والطّعام.. فالقوّة والبطولة إنّما هي نيّة وعزيمة إن وُجدت رضخ المال والعلم والطّعام، وإن فقدت لم ينفع مال قارون ولا ملك فرعون..

طوفان الأقصى.. الفاضح

 كثيرا ما سمعنا عن قوّة الكيان الغاصب لأرض فلسطين، وعن قوّة المنظومة الدّوليّة الدّاعمة له.. المكوّنة من الأنظمة الغربية والمنظّمات الدّولية والكيانات الاقتصاديّة الكبرى.. أمريكا وروسيا والهند والصّين وأوروبا والأمم المتّحدة والبنوك الدّوليّة والشّركات المتعدّدة الجنسيّات..

وكثيرا ما أوهمتنا أنظمتنا الحاكمة بمختلف مستوياتها السّياسيّة والفكريّة والدّينيّة أنّ طريق التّحرير طويل وصعب.. ولابدّ من بناء الاقتصاد والفكر والسّياسة والصّناعة والزّراعة وتطوير أنفسنا وبناء ذاتنا وتحقيق نهضتنا قبل أن نتكلّم عن التّحرير.. وأيّ حديث عن التّحرير الآن هو طعنة في ظهر مسيرة النّمو والازدهار والتّطور..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّه بعد أجيال من استقلالنا عن الحركة الاستعمارية، لم نبن شيئا ولم نحرّر شبرا.. وأنّنا قد انسلخنا من فكر التّحرير والثّورة، وفي المقابل لم نتبنّ أي فكر بناء نهضوي حداثي حضاري.. وكلّ ما أنتجناه بهذا السّفه من القول هو جيل من المطبّعين المنبطحين اللاّعقين الذين لم يبنوا دولة ولا حرّروا أرضا.. وأكبر إنجازاتهم هو بناء المولات واستيراد السّيّارات ومعانقة الفاجرات وشقّ السّراويل إظهار الحمّالات..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أن عبور الحدّ الفاصل وإسقاط الجدار العازل لا يحتاج ثورة صناعيّة ولا أموالا بتروليّة ولا نظرياّت فيزيائيّة.. اكتشفنا أنّ عبور الجسر من الذلّ والمهانة إلى العزّة والكرامة لا يحتاج إلاّ إلى دخول الباب.. فإذا دخلتموه فإنّكم غالبون..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ جزءا كبيرا من خطابات العقلانيّة والحفاظ على مقدّرات الأمّة وعدم تضييع مكتسبات البناء ومسيرة النّهوض ونسيج الأمّة ما كانت إلاّ مهدّئات ومسكّنات هدفها تخدير الجيل الحاضر لإنتاج جيل قابل منعم مترف يرى الدّنيا حريرا ومولات ولو كان الثّمن ذلّة ومهانة ومسكنة..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ الوهن والعجز والكسل هو كلّ ما يمنعنا من استرداد أرضنا، فلا التخلّف عن ركب الصّناعة أو الزّراعة أو أيّ فنّ آخر يبرّر الذلّ والرّضا بالخنوع.. ففي عصرنا الحالي.. كلّ علم وفن وصناعة يشترى أو يستنسخ.. فلا عذر للمثبّطين والمحبطين.. فالأمر برمّته لا يحتاج إلاّ لكلمة واحدة.. بسم الله!

طوفان الأقصى.. وأوهن من بيت العنكبوت

 ممّا أفاء الله به علينا بطوفان الأقصى وما تبعه، أنّنا اكتشفنا كمّ الزّيف والخداع والكذب الذي سوّق له أعداؤنا ونشره بيننا عملاءهم فثبّطوا به الهمم وأحبطوا معنويات الشّباب والشّيوخ والرّضع وحتى الأجنّة قبل أن تولد..

لقد قالوا أنّ الكيان الغاصب أقوى منّا ولا يمكن هزيمته.. كيف؟ لأنّه يأكل ما يزرع، ويصنع أسلحته وله من العلوم والفنون والتكنولوجيا ما يموّل به أمريكا وأوروبا.. فهو العقل المدبّر وكنز العلوم والمعارف والأسلحة للعالم المتطوّر.. فكيف سنهزمه؟

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ علومه وأقماره التّي روّجوا لنا أنّها ترى ملابسنا الدّاخلية لم تتمكّن من رصد الآلاف من المجاهدين بسيّاراتهم ودرّاجاتهم وطائراتهم وعتادهم.. بل ولم ترصد فتحة نفق عند أنوفهم خرجت منه السّيارات وعادت محمّلة بالأسرى إلاّ بعد أكثر من سبعين يوما من القتال؟

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ تكنولوجيّاته الدّقيقة المخيفة الموسومة بالذّكاء الاصطناعي لم تستطع حماية دبّاباته من بواسل حفاة جاؤوها سيرا على الأقدام فثبّتوا الحديد على الحديد وفلّوا عائدين وليفلّ الحديد الحديد..

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أن أكثر من عشرين سفينة وما يزيد عن المئتي طائرة جاءت من أمريكا محمّلة بالسّلاح والعتاد لقتل إخواننا في غزّة.. فأين مصانع السّلاح وأين العمالقة الذين يصنعون أسلحتهم بأيديهم؟

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ أجور المرتزقة شذّاذ الآفاق من فرنسا وأسبانيا وأكرانيا ممّن جاؤو ليُذبّحوا أبناءنا في غزّة.. أجورهم تُدفع من التّبرعات.. تبرعات القردة عبر العالم.. وأكلهم وأكل الخنازير من جيش الاحتلال من التّبرعات أيضا.. ثمّ يقولون لنا إنّهم دولة الحقّ والحقوق والميزانيّات المضبوطة والحسابات العلميّة.. ثم يقولون لنا تريدون بناء دولة وتحرير فلسطين بالتبرّعات.. ما لكم كيف تحكمون..؟

ثمّ جاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ من استحل دماءنا وقتل شعبنا مجرّد فقاعة هواء هي أوهن من بيت العنكبوت.. ولولا دماء الغرب المتدفّقة على هذا الكيان لانفعص أمام أوّل دعسة من حذاء طفل لم يفطم بعد في غزّة.. والله المستعان..

النفاق العلماني.. لا تشتروا كتبهم

أبهى وازهى وأعلى صور النفاق.. هو عندما يكتب الكاتب المرموق الشهير الشلولخ رواية.. شخصيته الرئيسة فيها طبيب.. في كابول.. يتألم هذا الطبيب من رجم زانية على فعلتها.. ويُظهر بذلك وحشيّة الإسلام وقسوة المسلمين وضيق الدّين والُمتديّن..

وفي نفس الوقت.. ينسى أو يتناسى أنّ الرواية تجري أحداثها في أفغانستان.. أفغانستان المحتلّة من الأمريكان.. الذين يدعمون حريّة التّعبير والفنّ والأدب ويتولّون الدّعاية لروايتك وروايات الكتاب المنحطين أمثالك..

لماذا أقول أنت منحط؟ وهل هذا سباب؟.. أبدا! إنّها حقيقة بل وأقلّ من الحقيقة بكثير..

أنت شبه كاتب منحطّ.. لأنّك عندما نختار أفغانستان مكانا لروايتك.. وتصوّر لنا بطل الرّواية مرهف الحسّ متأثّرا لزانية.. ولا يرمش له جفن من قنبلة أمريكية تقتل عشرات الأطفال في مدرسة، أو من حاوية كُدّس فيها الأسرى حتى ماتوا اختناقا، أو من نساء اغتصبن من الجنود الأمريكان والبريطانيين وعملائهم من الخونة الملحدين..

عندما تقدّم لنا المشكلة الأفغانية على أنّها حدّ زنا لا أكثر ولا أقلّ، فأنت منحطّ.. وكذلك من يقرأ لك ويروج لسُمّك الفكري المنحطّ..

لا تشتروا روايات هؤلاء المنحطّين.. فسوف تُسؤلون يوم القيامة عن هذه الدّنانير المبذولة ولحظات القراءة المشؤومة..

طوفان الأقصى.. نصر من الله وفتح قريب

شغلتني الفرحة أول أيام الطوفان عن الكتابة، ثم شغلتني دماء غزة، ثم جاءت هذه الأيام المفترجة لتحيي فيّ بعض الرغبة في تسطير هذه الكلمات عن هذا النصر الذي منّ الله به علينا في هذا العصر من الهوان والاستضعاف والانكسار...
نعم إنه نصر وإن حاول بعض أعداء الله ممّن علمنا وممّن لم نعلم أن يطمسوا معالمه أويشوّهوا أيّامه.. والله أكبر فوق كيد الكائد والعميل والمندسّ.. إنّه نصر لأنّنا رأينا من كانوا يخوّفوننا بهم يهربون كالجرذان لا يلوون على شيء.. إنّه نصر لأنّنا رأينا المجاهدين لا يملكون إلّا ما استطاعوا تجميعه تحت الحصار والتّضييق والفاقة وقد عبروا خطوط دفاع شُيّدت بملايير الدّولارات وكأنها بوّابات من ورق على قلاع من رمال.. إنّه نصر لأنّنا رأيناهم يأسرون حثالة الأرض بلا مقاومة وقد تمكّن منهم الرّعب قبل أن يتمكّن منهم أهل الله.. إنّه نصر لأنّنا رأينا أنجاس العالم لا يقدرون على شيء إلاّ قتل النّساء والأطفال من مكان بعيد.. حتّى إذا دخلوا الأرض لم يلبثوا إلا قليلا وولّوا هاربين.. إنّه نصر لأنّ الله قد محّصنا فظهر المجاهد والمؤازر والنّاصر والمعين.. وأظهر الله من بيننا المثبّط والمنافق والموالي للعدوّ جهارا نهارا.. إنّ نصر لأنّ الله قد كشف غطاء الوهم عن الغرب وأحقّ الله كلمته بأن الكفر كله ملّة واحدة ينصر بعضه بعضا فلا ننتظر منهم وليا ولا نصيرا..
أو بعد كلّ هذا أشكّ في هذا الحدث الجلل أنّه نصر من الله وفتح قريب..

فرنسا.. والأقامة لأربع سنوات

 يعود رأس السّنة.. رأس لسنة مقطوعة الذّيل.. لم يكتمل عام 2022 بعد حتى يبدأ عام 2023..

نتشارك دعوات الإسلام والإيمان.. وحرام الاحتفال.. وجحر الضّب والضّب نفسه.. ثم نتساءل خفية.. ماذا هناك؟.. لماذا لم أتمكّن من حجز طاولة في المطعم؟.. والله؟!

فرنسا تخطّط لمنح الإقامة 4 سنوات للأطبّاء والصّيادلة.. وماذا بعد؟

تقولون كرهنا الحياة وشظف العيش.. وهذا البلد لأولاد فرنسا، هم من يحكمون.. فلماذا تذهبون إلى فرنسا شخصيّا؟؟ مالكم كيف تحكمون..

إذا ضاقت عليك الدّنيا وأردت رفاهيّة أكثر.. ومالا أوفر.. وبرستيجا أرفع.. وعلما أنفع.. فلماذا فرنسا بالذات؟!.. تطلبك السّعودية وكندا وانجلترا وقطر والإمارات وكثير ممن هم خير من فرنسا دنيا ودينا.. فهلّا اخترت منفا آخر؟

الله المستعان.. وهو الهادي إلى سواء السّبيل.