في ذكرى الكلمة

هو الشّهيد الذي قال عنه الشّيخ متولّي الشّعراوي أنّه قد فسّر القرآن وكأنّه يوحى إليه! في مثل هذا اليوم من عام 1966 تمّ إعدام سيّد قطب رحمه الله..
هي ذكرى الكلمة، فالشّهيد رحمه الله لم يحمل سلاحا يوما ولم يقتل أحدا ولم يُحرّض على عنف أو عصيان.. ولكنّه فعل ما هو أدهى وأمرّ، لقد ألقى في وجه الطّغيان كلمة حقّ..
في دنيانا هذه أصناف من النّاس.. صنف آمن بالقوّة وأنّ القوّة تصنع الأمجاد، وهؤلاء مصيرهم النّسيان بمجرّد زوال قوّتهم.. وصنف آمن أنّ القوّة هي الحقّ، وهؤلاء عبيد لا ذكر لهم أحياءا ولا أمواتا.. وصنف آمن أنّ الحقّ أحقّ أن يُتّبع وأنّ الحقّ كلمة كما أنّ الكفر كلمة.. وهؤلاء لا يعمّرون في الدّنيا طويلا، ولكنّ ذكرهم باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. ومن هؤلاء الأديب الشّهيد..
رحم الله سيّد قطب..
صورة تجمع الشيخ البشير الإبراهيمي والشهيد سيط قطب وثلة من العلماء
صورة تجمع الشيخ البشير الإبراهيمي والشهيد سيط قطب وثلة من العلماء

المفاهيم أولا..! الأضحية لله وحده

من المفاهيم التي ينبغي أن تُصحّح، ونحن هنا في إطار عقدي وشرعي.. مفهوم الأضحية..
نحن نرى النّاس في أيّامنا هذه تنحر الأضاحي.. تنحرها لوجه الصّغار.. وتنحرها لأعين الكبار.. وتنحرها أمام الجيران.. وتتقاسم ثمنها بين إخوة وجيران وعمّال وأصحاب.. وتقول أنّها تقيم شعيرة من شعائر الله..
العيد فرحة.. فيه توسعة للعيال وإبهاج للصّغار.. وفيه توسعة في الطّعام وإطعام للّحم.. ولكنّه قبل ذلك عبادة..
والطّريق إلى الله في آخرتنا ودنيانا لا يكون إلا بتصحيح المفهوم.. فالفرحة والتّوسعة والبهجة تأتي تبعا لشعيرة الله لا العكس.. فالشّعيرة ليست إلا لله وحده..
الشّعيرة تكون خالصة لله، لا تُشترى برشوة أو بمال فاسد أو بمال حرام.. الشّعيرة لا مباهاة فيها ولا تُشارك صورتها ويعلن ثمنها من على المنابر.. الشّعيرة تُقام مقامها الحقّ، فإن كانت سنّة فهي كمال للفرض، فكيف لمن لم يركع لله ركعة أن يحرص على السّنة؟ وكيف بمن كشفت عن عوراتها أن تدور فاتنة في الأسواق تبحث عن إقامة السّنة؟ وكيف لم تخلّى عن والديه في دور العجزة أن يقيم السّنة لهم في منفاهم؟
لقد جعلنا من الكبش صَنما في المجتمع يُعبد من دون النّاس، فصار الفقير يحمل همّ كبش العيد أكثر ممّا يحما همّ إقامة الصّلاة في وقتها.. كلوا أنعامكم في عامكم، وذروا الشّعيرة لله، عبادة كما هي باقي العبادات..

المفاهيم أولا..

  قبل الحديث عن الإصلاح العملي والحركة من أجل التّغيير والانطلاق في المشاريع والأشغال الضّخمة وبناء المجتمع والدّولة، لا بدّ من تصحيح المفاهيم في النّفوس والعقول.. ذلك أنّ بناء أيّ مشروع حضاري لن يتمّ إلاّ ببناء الفرد الذي سيشتغل عليه ويحافظ عليه، وبناء هذا الفرد لا يتأتّى بالحشو المعرفيّ وإنّما بتصحيح المفاهيم وتوجيه النّيات توجيها صحيّا.. هذا التّصحيح الذي يُخرجنا من دائرة الغُثاء على كثرة العدد إلى دائرة الفاعليّة على قلّة الأفراد..