عندما
نتحدث عن التغيير، تغيير أي وضع قائم، من أبسط الإدارات أو الجمعيات أو المؤسسات،
إلى الدول والمؤسسات الكبرى.. يُطرح تساؤل مهم جدا، هو كيف يكون ذلك؟ أو أي
الطريقين نسلك؟ هل نمارس دور المصلح من الداخل؟ أم نمارس دور المعارض الشرس الذي
يرفض ويواصل الرفض ويدعو للرفض؟ الجواب قد يبدو بديهيا عند البعض ممن نسمع ونقرأ
لهم، خاصة من ذوي النتظير الديبلوماسي الذين لا يغضبون أحدا! فالحل حسب نظرهم يكمن
في تقدير المصلحة. فإن كانت الأمور متعفنة جدا، فالواجب عدم التورط، والمعارضة من
بعيد، ليحسب ذلك بعد التغيير الجدري المنشود للمعارضين. أما إذا كانت الأمور
وسط-وسط فالواجب القبول بأي منصب أو مكان داخل الركب لممارسة الإصلاح وتلافي تدهور
الوضع قدر الإمكان والعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه. لكن الإشكال المطروح هو من يقدر عفونة الوضع، وماهو الحد الذي
نقف عنده للفصل بين الحالين.. فالأمور كلها نسبية. ولا يمكن الحكم عليها إلا بعد
زمن معين يكون فيه الحكم قد صدر فعلا، فإذا صلحت الأمور بسلاسة، وجاء الإصلاح من
الداخل وأنقذ الوضع، خُطِّأ المعارضون الداعون إلى التغيير الجدري وقيل لنا إن
الأمر لم يكن بالسيء جدا! وإن جاء الطوفان الذي يجرف الأخضر واليابس، صار كل من
شغل منصبا ولو بسيطا مجرما لأنه انجر وراء المال والسلطة والنفوذ ولو لم يثبت عليه
شيء، وقيل لنا إن الوضع كان أعفن من العفن، مهما كان الوضع الجديد. وذلك لأن
التاريخ دائما يكتبه المنتصرون. فالقرار ليس هينا
وبسيطا، والتحليلات النظرية بعيدا عن الموقف الفعلي ليست دائما ذات معنى، لأنها
دائما في منزلة بين المنزلتين، صالحة لكل النتائج، ويحاجج بها قائلها في كل
المواقف.. فالواقع والفعل شيء آخر، لن يحكم عليه الحكم النهائي إلا الزمن، بعد
زمان قد يطول جدا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق