كم هو
مذهل ذلك الانفصام الذي نعيشه، ويعيشه خاصة ما يسمى بالمثقفين في وطننا. الانفصام
الذي يجعل كل واحد منا مشاهدا ومراقبا للمشهد على تنوعه (ثقافي، سياسي، اجتماعي،
دعوي..) متناسين أننا جزء من هذا المشهد شئنا أم أبينا. فالمثقف يحلل الواقع الاجتماعي مثلا، ويصف الداء والدواء في
نفس الوقت، ويطرح الواقع والمآل بحدة ونظر لافتين للانتباه. فتجده تارة ينتقد
تواطؤ الناس على دفع الرشى، ولجوءهم لتقديم الهدايا للحصول على حقوقهم، ويصف الحل
في امتناع الناس والصبر على حبال الإدارة الطوال لنيل الحقوق، مع أنه أول من يدفع
الشوة، ويتصل بالقريب والبعيد لقضاء المصالح! وتجده تارة أخرى ينتقد قانون الغاب، ولجوء الناس للخطأ في معالجة الخطأ،
مع أنه أول من يستغل المنصب والأهل والمعارف لاسترجاع الحق ولو بطريق ملتوية.
هذا المثقف هو نفسه الذي يحث الناس على الجهر بالحق،
والصبر على كلمة الحق، وهو ذاته الذي ينمق الكلام ويجمله للحبيب والعاذل.
والجواب الذي نتلقاه دائما عندما ينكشف أمر واحد منهم:
لا تقيسوا علي! فأمري حالة خاصة.. فهلا التمست العذر نفسه للآخرين؟ فلنكن إذن كلنا
حالات الخاصة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق