الجمعة من فرائض الإسلام التي يجتمع فيها المسلمون حول خطبة تُذكّرهم بدينهم وتنهض بهم إلى القيام بواجباتهم.. وهي في وقتنا طقس من الطّقوس التي نجد أنفسنا مُجبَرِين على حضوره.. قد نحضرها بعد صعود الإمام إلى المنبر.. أو بعد نزوله.. وأحيانا بعد تكبيره.. المهم تسجيل الحضور.. أما سماع الخطبة.. فإذا فهمناها، فسننساها عند قول الإمام: إن الله يامر بالعدل والاحسان..!!!
أمّا في رمضان فالأمر مختلف جدّا.. وخاصّة بالمساجد الكبيرة.. نسبة لأئمّتها لا لحجمها طبعا!.. فإذا جئت بسيّارتك.. فعليك التبكير بساعة أو أكثر لكي تجد لسيّارتك موضعا قريبا يُعفيك مشقّة السّير تحت وهج الشّمس وأنت صائم؟!.. ثم إذا دخلت المسجد فستجده عامرا مُكتظّا وكأنّ الناس باتت فيه من ليلة الأمس؟.. ثم هنالك زيادات الإمام في رمضان.. تشغيل تسجيلات القرّاء من دخول وقت الضحى!.. وزيادة تطويل الدّرس وتقديمه عن موعده.. تأخير الصّعود إلى المنبر.. وإطالة الخطبة.. وطبعا جمع التبرّعات.. والحثّ على إعانة الجمعيّة الفُلانيّة والمُؤسّسة العِلّانيّة.. وفي خضمّ هذا كلّه.. النّاس بين منشغل بالقراءة في مصحفه.. أو بترتيب عباءته الجديدة التي يخرجها من مخبأها من رمضان إلى رمضان.. أو نائم بالقرفصاء أو مستلقيا على بطنه.. وقليل من يستمع أو يلقي للإمام بالا.. إلا في الخطبة طبعا؟!
أمّا بعد انقضاء الصّلاة.. فالطّريق إلى العودة أطول من طريق الهجرة.. فجموع المصلّين لابد من أن تسلّم على بعضها وتسأل عن أحوال بعضها، ماذا تسحرت وماذا أفطرت وماذا ستفطر وأين ستصلي التراويح وأين ستصلي العيد وهل أخذت عطلة في رمضان ومتى تتوجّه إلى الوظيفة.. وكلّ ذلك وهم قيام عند باب الجامع.. ثم بعد أن نَتَكَركَر عند رفوف الأحذية ونَتَعَصَّرَ عند الأبواب.. نجد الجموع عند باعة الحشيش والبطيخ والزلابية عند الحدود الإقليمية للجامع.. فبعد أن يشتري كل واحد من المصلين فواكه لَيلَتِه.. تَنفَسِحُ الطرقات لك لكي تشق طريق العودة إلى بيتك..
هي جُمَعُ رمضان.. ينقص نصف رُوَّادِها بعد العيد.. وتَتَفَسَّح مداخل أبواب جوامعها.. جعل الله كل جمعنا كجمع رمضان.. مع قليل من الأدب والنظام إن أمكن، إذا لم يكن في هذا إحراج للبعض!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق