ككل عام، يهلّ علينا الشّهر الفضيل ببركاته ونسماته الإيمانية العطرة الفوّاحة.. شهر ينتظره الكلّ وقد تلبَّسُوا بكل أسباب القبول والاستعداد للقيام والصّيام..
على حيِّنا يتهافت كلّ أهل المدينة للتّزوّد بأكياس البطاطا والبصل والثوم والجلبان وأنصاف الخرفان والدَّوّّارَات.. يغلقون علينا منافذ الحيّ كله في منظر مهيب!.. منهم من يتسوّق وهو في سيّارته، يسأل عن الأثمان ويُسَاوِم البائع ثم ينزل ليشتري ويملأ سيّارته وهو في منتصف الطّريق وخلفه زحمة سير كأنّها ليوم القيامة!؟ ولا يجوز لك الاعتراض.. فنحن على أبواب الشّهر الفضيل..
وعند البَّقَّالين، يَتَخَاطَفُ النَّاس كل ما على الرّفوف من دقيق وسميد وعجائن وعصائر وكأنّ أوَّلَ يوم من رمضان هو يوم الفناء الكبير.. وترى النّاس في هذا يسارعون ويركضون في نسق واحد وعلى قلب رجل واحد.. إنّها الوحدة التي تميّزنا والتّضامن الفطري لدى أبناء شعبنا..
أسابق نفسي كي أعود إلى البيت لعلِّيَّ أرتاح من الجري الّذي يفرض عليك في الشّوارع فرضا.. أفتح التّلفاز فأرى القنوات قد أقامت النّدوات والمؤتمرات للتعريف بمنتجاتها للشّهر الفضيل.. نعم يا سيدي! منتجات الإعلام للشّهر الفضيل.. فلا بد من مرافقة الناس في هذا الشّهر كي لا تحيد عن روحانيّة العبادة والفضيلة!.. ولك أن تتخيّل كمّية العري والفسق والابتذال في هذه المنتجات.. وفوق هذا الإسفاف برامج المقالب السّخيفة التي تستغّل عفوية النّاس وتسخر من سذاجتهم..
هذا هو رمضاننا.. بين بطن وفرج وسرير..
تذكّرت شهداء غزة ومشاريع الشّهداء فيها.. للتّسوق هناك معنى آخر.. وللإعلام عندهم هدف آخر.. ولرمضان طعم آخر..
جاء رمضان وأوًّلُ أيّامه غيث ومطر.. مطر لم ينقطع من ليلة البارحة.. ترى؟ هل يكفي لغسل العار وتطهير البلاد منّا؟
كلّ عام ورمضان شاهد علينا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق