القدس، الجرح المتجدد

ثارت ثائرتنا لأن أحدهم نقل سفارة بلاده من يافا إلى القدس، سفارة أقامها أسلافه لأنهم اعترفوا قبل عشرات السنين بكيان قائم بالقوة على أرض فلسطين من النهر إلى البحر. وهجنا وهاجت جوارحنا لأن بلادا كبيرة اعترفت لهذا الكيان بالقدس عاصمة له!
وبعد أيام من هذا الهيجان والثوران بدأت النفوس تهدأ ورجعنا إلى سباتنا ونومنا الذي أزعجه هذا التافه الذي لا يعرف قدرنا ولا زال لم يختبر صولاتنا وجولاتنا، ولا يعلم ما نقدر عليه إذا ما هجنا وثرنا!!!
لقد بلغ التهريج بنا مبلغ الوقاحة والدناءة والنذالة، وصار كذبنا على أنفسنا يستوجب البكاء دما لا دموعا..
أوليست هذه القدس التي احتلت عام 1418 (1917م) ومن يومها وهي في كنف الأعداء يحكمون رجالها ونساءها وصبيانها ويأذنون لمآذننا بالأذان أو يمنعونه متى شاؤوا؟
أوليست هذه القدس التي تكاد تُهدم جوامعها بالحفريات والتنقيبات والتفريعات ونعلم علم اليقين أن الخطوة التالية هي بناء هيكل مزعوم مكان تلك الجوامع؟
أوليست هذه القدس التي تُفتَّشُ حرائرها وتُنتهك  أعراضها على يد الأنجاس وتُداس بيوتها وتسجن فتياتها أو تُقتل على الأرصفة وفي الساحات؟
أوليست هذه القدس التي يجوع أهلها ويُحاصر مريضها ويُجهز على أسيرها؟
كيف نزعم أننا نحبها ونحن نثور لأن سفيرا غير بيته من يافا إلى القدس وقد كان دائما يدخل إليها ويخرج منها بدون إذن أو جواز كما يُطلب من أصحاب الأرض.. وكأن قضيتنا قد تعدت الأسيرات والسجينات والأرض والمسجد إلى مكتب السفير أين يكون؟؟
هذا السفير الذي تعلن بلده أنها مع الكيان الغاصب صراحة لا تلميحا.. وتموله وتنصره وتدافع عنه..
لكن كرامتنا التي تقبل منه كل هذا، وترضى للقدس بكل ذلك.. تأبى أن يكون مكتبه في القدس؟؟
فلنعد إلى نومنا فقد ملأنا الدنيا صراخا وشبعنا من العالم ضحكا واستهزاءا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق