جنائزنا

تنقضي آجالنا في هذه الدنيا ونحن نلهث وراء السراب ونجري وراء أحلامنا حلما بعد آخر، وكلما قضينا حلما أدركناه وهما وبحثنا عن آخر حتى نحمل إلى المقابر..
وكل العجب العجاب أننا نشيع أحبابنا وأمواتنا إلى منازل الآخرة، ونحن نردد عبارات الموت والفناء ونذرف الدموع أحيانا، ثم ما نلبث أن ننسى أو نتناسى هذا العبور الإلزامي لكل نفس بشرية من الحياة الفانية القصيرة الدنيا إلى الحياة الأبدية الباقية الآخرة.
كيف لنا أن نقول العكس ونحن نتبادل السجائر والجنازة مسجاة ننظر إليها؟ وكيف نزعم المقابل ونحن نشيح وجهنا عن فلان وفلان والميت لم يدفن بعد؟ وكيف نزعم غير ذلك ونحن نذكر مثالب فلان ونعيب على فلان عدم حضوره وعلى فلان عدم اتصاله وكأننا في مقام المجاملة أكثر منه مقاما للعبرة والموعظة؟
إن هذه الدنيا لأقصر من أن نضيعها في هذا العبث وفي النواح على الأموات، فأحبابنا نودهم ما داموا أحياءا بين ظهرانينا، ونصلهم ونبرهم وهم يرون الوصال والبر، أما وقد رحلوا، فغير الدعاء والذكر الحسن لا ينفعنا ولا ينفعهم..
والدار الآخرة ملتقى الأحباب في الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق