تتطوّر حاسّة الشمّ عند الصائم بشكل رهيب!.. يصبح قادرا على تتبّع مسار الروائح وفرز مكوّناتها.. لدرجة أنّه يستطيع تحديد مكوّنات طبق اليوم دون الدّخول للمطبخ.. حريرة أم شربة، سمك أو لحم، وأيّ نوع من السّمك، وأيّ نوع من اللّحم، وكسرة منزل أم رغيف من المخبزة.. ويصل حتّى إلى أنواع البهارات..
فلا عجب إذا كنّا نتحدّث عن رائحة رمضان، وكيف تغيّرت عبر الزمن.. والحقيقة أنّها ليست إلا رائحة الطّبخ التي يجعلنا الجوع أكثر حساسيّة لها، وتجعل عقولنا تربطها برمضان، فنَحِنُّ إليها كلما تغيّرت كمّية اللّحم أو السّمك أو البهارات..
فرمضان ليست له رائحة، وحنيننا إلى رمضان أيّام زمان لا يعدو كونه حنينا إلى طبخة أمٍّ أو جلسة أبٍ أو ضحكة ابنٍ أو وجه حبيب أو حبيبة.. إنّها الأيام لا تعود ولا تكرّر، ولكن طَيفَها يلُوحُ كلّما لاح قَرِينُها، وقرينُ الأيّام رائحة أو عطر أو نغم أو كلمة أو لون..
جعل الله أيامنا وأيامكم بروائح الإيمان والطّاعة، وأعاذنا من روائح الفرقة والفراق..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق