ليس بالحجم ولا بالعدد! متى نتعلّم أنّ الجوهَر أهمّ من العَرَض.. أكبر جامع في العالم بعد الحرمين، وأكبر جامعة في القارّة وأكبر ملعب في البلاد.. ومع كلّ هذا، أكبر حماقات في التّاريخ وأكبر خيبة في القارّة وأكبر هَبَلٍ في الوجود!! أن تبني العمارات والبنايات والملاعب ليس تحدّ في وقتنا الحاضر، فلن تُنافس برج خليفة أو ملعب الدّوحة أو المسجد الحرام.. وإذا أردت فيكفيك التّوجه إلى كبرى شركات الإعمار لتبني لك ما تشاء وأين تشاء..عليك بأكياس الذهب وفقط! ولكنّ التّحدي الكبير الذي فشلنا فيه هو بناء الإنسان.. فما جدوى أن يبني لك اليابانيّون والبرازيليّون جامعات ضخمة بوسائل هائلة إذا كان إنسانُك الذي سيدرُس فيها سيُحطّمها ويكسر أبوابها ويُشوّه منظرها.. وإنسانُك الذي وَكَّلتَه لكي يصونها ويحفظها سيعيث فيها فسادا وإفسادا كالقرد السّكران في مزرعة الموز.. بترقيعات وتحويرات وسدّ للأبواب والنوافذ وحفر في السّاحات والقاعات والمدرّجات..
وبعد كلّ هذا، لا زلنا نُبذِّر الحديد والإسمنت والآجر لبناء تحف معماريّة مشوّهة قبل أن تُسَلَّمَ حتّى بسبب الغش والاختلاس والذّوق البشع.. ويزيدها السّاكن والعامل والطّالب تشويها بالتفعيص والتعفيس والفتح والغلق والطلاء والحديد..
ليست العبرة بالبحث عن مصادر التّمويل للبناء وبذل الجهد في التّصميم والتّخطيط وسنّ القوانين عن المعمار والبناء والمطابقة.. العبرة ببناء الإنسان وتخطيط فِكرِهِ وتصميم عقله.. وبعد ذلك سيتجمّل المحيط لوحده، وتظهر الأرقام والأحجام والأعداد لوحدها دون أن نسعى لها..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق