الدنيا مزاوجة بين الشكل والمضمون، بين المظهر والمنكنون، بين المنطوق والمقصود، وبين المرئي والمستور. والطمأنينة والاستقرار والفلاح والنجاح لا يتأتون إلا إذا صدَّق الظاهرُ الباطنَ وتوافق المنطوق مع المقصدود وعبرت الواجهة عن المكنون. ومن أسوء ما ابتلي به الإنسان على مر العصور وتبدل الأحوال طغيان الظاهر عن الباطن، واهتمام الناس بالواجهة وتخليهم عن إصلاح الدواخل والبواطن.
إن الظاهر ينبغي أن يكون ترجمان الباطن، فكما أن الكلام باللسان هو ترجمة لما في القلب من أفكار، وكما أن اللباس مظهر لذوق الإنسان وحياءه وخُلقه، فكذلك الشكل نتيجة للمضمون في كل شيء لكل شخص سوي ومجتمع سليم وعمل متقن! لكن غالب الأحوال عكس ذلك.. فالمتتبع للكثير من أحوالنا يجد غير ذلك.
فبدل أن نشتغل بالمضمون ونترك الشكل لطبيعته يعبر عن المضمون المتقن فيكون ترجمانا صادقا وصورة وافية وفية.. اشتغلنا بالشكل دون المضمون فأخرجنا مضامين مشوهة عليلة ناقصة وأشكالا مزخرفة مبهرجة فنطازية تعبر عن الأحلام والأساطير وليس لها من المضمون إلا الوسم ورابط الاسم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق