في ضيافة السيدة الإفريقية

قادني الفضول عند زيارتي للعاصمة إلى زيارة كاتدرائيتها المعروفة بالسيدة الإفريقية "Notre dame d’afrique". وبغض النظر عن طريقها المتعرج المشقوق على هاوية الجبل، علقت بذهني خواطر جعلتني أعقد مقارنة بين هذا المعبد، وبين جوامعنا التي نتسابق للأسف في بنائها، والصلاة في مواسمها، ولكننا نتقاعس دوما عن عمرانها!
أول ما يشدك عندما تقترب من الكنيسة هدوء حيها، وخلو محيطها من الأسواق الفوضوية الضوضائية التي ملأت محيط جوامعنا حتى أنك لتسمع الكلام النابي من القول وأنت في صلاة الجماعة.
وعندما تقترب بسيارتك، يمكنك أن تدخلها إلى فناء الكنيسة، وتركنها في الظل الظليل، وتزور ماشئت وكيف شئت، ثم تستقلها وتغادر دون أن يعترض طريقك لص برتبة حارس، بعصا موجهة إليك أكثر من توجيهها إلى اللصوص، ليطلب منك أتاوة على تركك السيارة في جوار بيت الله!
أما عند دخولك إلى الكنيسة، فإنك تلحظ في المكان تفاصيل وأثاثا أكثر من تفاصيل جوامعنا، ومع هذا، ترى النظافة تشع من كل مكان، عكس زرابيينا التي ملأت أدرانا، حتى أنك لترى من يقلم أظافره في بيت الله؟!
وترى في الكنيسة مكاتب ومكتبة، عليها أناس ظراف لطاف، لا ينهرونك ولا يرفعون أصواتهم كالبهائم، بل يهمسون ويشيرون ويبتسمون ما أمكنهم ذلك، يشدونك إليهم وإلى دينهم، وإلى عقائدهم..
ويطول الوصف، وتطول المقارنة.. وإذا ما زرت المكان حقا، وتمعنت في هذه المقارنات، عرفت لماذا انحسر المد الإسلامي، ولماذا توقفت الفتوحات إلا عن أجنبي أو أجنبية في هذا المسجد أو ذاك، يعلن إسلامه، ليتزوج ببناتنا، ثم يطلق المساجد إلى غير رجعة..
عرفت أن المد الإسلامي لم يتوقف لأن جيوشنا أصبحت أضعف من حماية أرض الإسلام ناهيك عن فتح بلاد أخرى! بل لأننا أصبحنا أبعد ما نكون عن هدي الإسلام وتعاليمه حتى في دور عبادتنا، في حين أننا نرى على أرضنا كنائس هي أقرب إلى المساجد كما عليه أن تكون، فكيف بغيرنا يتبع هدانا، ونحن إلى الضلالة أقرب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق