إلى ماليزيا: المطارات..

عند السّفر بعيدا، يتسنّى لك زيارة المطارات والتّعامل مع مختلف شركات الطّيران.. وبعيدا عن النّظرة المادّية الدّنيويّة الخالصة، وحتّى لا ينبري لنا أصحاب النّظرات الفلسفية حول سموّ الرّوح والفكر على المادّة والمال!!.. ينبغي تقبّل أنّ تخطّي حدود المعروف والمألوف يفتح لك باب التّقييم والنّقد..
فعندما تجد مطارا دوليا قد افتتح منذ زمن ليس بالبعيد، وقد أكل الأخضر واليابس ليرى النور، وتخطّى الآجال الواحد بعد الآخر.. ليس فيه مكان لتجلس فيه وأنت تنتظر رحلتك، وليس ذلك من كثرة المسافرين، فالخطوط قليلة، والزّبائن معدودون، ولكنّ الكراسي معدومة!.. وفي نفس المطار، لا تجد أين تشتري قنّينة ماء أو صبيرة أو غداءا.. وقبل ذلك، كنت قد سافرت مع خطوط بلدك على متن طائرة سنتحدّث عنها ربّما لاحقا..
بعد كلّ هذا، تجد نفسك في طائرة بشاشة فرديّة بها أنترنيت وأفلام وموسيقى ومعلومات دقيقة عن الرّحلة وعن الرّحلات الموالية ورؤية لخارج الطائرة كأنّك جالس عند النّافذة، ومضيفات همّهنّ إرضاء المسافر والسّهر على راحته حتّى أنّهن يُصلِحن ما أفسدته الوكالة السيّاحية فيسعين للمّ الشّمل بين المسافرين وتغيير الأماكن في سلاسة وظرف وخفّة.. ثم بعد ذلك تحطّ في مطارات كأنّها مدن أو أكبر منها قليلا.. مدن من المحلاّت والمقاهي والمطاعم ومساحات الرّاحة والصّلاة والوضوء.. وعمّال كالنّحل يقومون على النّظافة والأمن من غير ضوضاء أو صراخ أو استفزاز أو شدّ وجه وازدراء..
عندما تنتقل من هذا إلى ذاك.. تُدرك حجم الدّمار الذي جنيناه على أنفسنا بتخلّينا عن قيمة العمل وبعدنا عن المدنية وتحجّرنا وراء قيم وأخلاق صمّاء بلهاء ظاهرها العزّة والأنفة والشّموخ وباطنها الخمول والحسد والرّكون إلى النّوم والانبطاح..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق