تُظهر بعض المناسبات مدى مقدرة الأفراد على العيش المشترك.. هذا العيش المشترك الذي يعتبر من معايير تطوّر المجتمع حضارته.. فتقدّم المجتمع وتصنيفه كمتحضّر ومتخلّف لا علافة له بمدى انتشار التّكنولوجيا والأموال والسّيارات الحديثة.. بل بمقدرة أفراده على إعطاء صورة جماعية سليمة لمجموعتهم البشرية..
ولا يتأتّى ذلك إلا بمجموعة قيم تنظّم العلاقة بين الأفراد من جهة وعلاقة الأفراد مع المحيط.. من هذه القيم احترام المحيط بالحفاظ على المساحات الخضراء والاعتناء بها ولم لا إنشاؤها وتهيئتها، وعدم رمي النّفايات المنزلية بها ووضع القمامات في الأماكن المخصّصة لذلك.. ومن هذه القيم كذلك، احترام الجار بعدم التعدي على حيزه الخاص، وعدم رفع الصوت والامتناع عن الضوضاء باكرا أو في المساء.. ومن هذه القيم الاهتمام بالحياة العامة من تنظيم للنّشاطات وتسيير للموارد المشتركة من مياه وكهرباء..
هذه القيم التي تبنى عليها الحضارة الحديثة اعتنى بها آباؤنا عندما أنشؤوا الحواضر من بغداد إلى قرطبة مرورا بالقاهرة والقيروان وبجاية وتلمسان وتيهرت.. لكنّنا اليوم أبعد عن هذه الحضارة وكأننا قوم بدائيون هم أقرب للبهائم منهم إلى البشر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق