طوفان الأقصى.. الفاضح

 كثيرا ما سمعنا عن قوّة الكيان الغاصب لأرض فلسطين، وعن قوّة المنظومة الدّوليّة الدّاعمة له.. المكوّنة من الأنظمة الغربية والمنظّمات الدّولية والكيانات الاقتصاديّة الكبرى.. أمريكا وروسيا والهند والصّين وأوروبا والأمم المتّحدة والبنوك الدّوليّة والشّركات المتعدّدة الجنسيّات..

وكثيرا ما أوهمتنا أنظمتنا الحاكمة بمختلف مستوياتها السّياسيّة والفكريّة والدّينيّة أنّ طريق التّحرير طويل وصعب.. ولابدّ من بناء الاقتصاد والفكر والسّياسة والصّناعة والزّراعة وتطوير أنفسنا وبناء ذاتنا وتحقيق نهضتنا قبل أن نتكلّم عن التّحرير.. وأيّ حديث عن التّحرير الآن هو طعنة في ظهر مسيرة النّمو والازدهار والتّطور..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّه بعد أجيال من استقلالنا عن الحركة الاستعمارية، لم نبن شيئا ولم نحرّر شبرا.. وأنّنا قد انسلخنا من فكر التّحرير والثّورة، وفي المقابل لم نتبنّ أي فكر بناء نهضوي حداثي حضاري.. وكلّ ما أنتجناه بهذا السّفه من القول هو جيل من المطبّعين المنبطحين اللاّعقين الذين لم يبنوا دولة ولا حرّروا أرضا.. وأكبر إنجازاتهم هو بناء المولات واستيراد السّيّارات ومعانقة الفاجرات وشقّ السّراويل إظهار الحمّالات..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أن عبور الحدّ الفاصل وإسقاط الجدار العازل لا يحتاج ثورة صناعيّة ولا أموالا بتروليّة ولا نظرياّت فيزيائيّة.. اكتشفنا أنّ عبور الجسر من الذلّ والمهانة إلى العزّة والكرامة لا يحتاج إلاّ إلى دخول الباب.. فإذا دخلتموه فإنّكم غالبون..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ جزءا كبيرا من خطابات العقلانيّة والحفاظ على مقدّرات الأمّة وعدم تضييع مكتسبات البناء ومسيرة النّهوض ونسيج الأمّة ما كانت إلاّ مهدّئات ومسكّنات هدفها تخدير الجيل الحاضر لإنتاج جيل قابل منعم مترف يرى الدّنيا حريرا ومولات ولو كان الثّمن ذلّة ومهانة ومسكنة..

وجاء طوفان الأقصى.. لنكتشف أنّ الوهن والعجز والكسل هو كلّ ما يمنعنا من استرداد أرضنا، فلا التخلّف عن ركب الصّناعة أو الزّراعة أو أيّ فنّ آخر يبرّر الذلّ والرّضا بالخنوع.. ففي عصرنا الحالي.. كلّ علم وفن وصناعة يشترى أو يستنسخ.. فلا عذر للمثبّطين والمحبطين.. فالأمر برمّته لا يحتاج إلاّ لكلمة واحدة.. بسم الله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق