- أنا لست معك، لكنّي لست معه، فأنا لست ضدّك !
- أنت لست معي.. هذا ما أسمع.. إذن أنت ضدّي !!!
هذا هو منطق التّخلف والجهل والرّداءة في أبهى صورها.. فالعالم القديم الجاهل المتخلّف كان يُصَوِّرُ الكون كلّه كمَورِدٍ حصري لا يملكه إلاّ واحد ولا تَشَارُكَ فيه.. لا في المواد ولا الآراء ولا الأفكار.. فالمورد واحد والحاكم واحد والرّأي واحد والفكر واحد..
قد أختلف معك في طرحك وفي كلامك.. لكنّ هذا لا يعني أنّي متّفق مع عدوّك أو أنّي أعمل ضدّك ؟! فالعقل البشري ليس مربعا وحيد اللّون والذّوق والرّائحة..
قد أوافقك في المشكلة والضّرر الواقع لكنّي أختلف معك في المعالجة وطريقة الحلّ.. وحتّى إن نَجَحتَ بطريقتك في حلّ المشكلة فهذا لن يغيّر من قناعتي.. وكلّ هذا لا يعني أنّي أعمل ضدّك أوأني سأُعيقك في طريقك..
قد أوافقك في جزء من الصّورة وأختلف معك في الجزء الباقي.. ولا يعني هذا أنّي خائن أو عميل أو مأجور..
لكلّ واحد الحقّ في اختيار الطّريق الثاّلث.. لست معك ولست ضدّك.. "أنا معي" ومع قناعاتي.. فلنتعاون في ما اتفقنا عليه..
فما جرّ علينا الويلات قديما وسيجرّها إلينا اليوم إلى شعارات الإقصاء والشّمولية التي مبدؤها "لا صوت يعلوا فوق صوت.." فلا صوت يعلوا فوق صوت المعركة ولا صوت يعلوا فوق صوت الشّعب ولا صوت يعلوا فوق صوت الصّندوق ولا صوت يعلوا فوق صوت الشّارع.. وفي نهاية المطاف، ولأنّ الأصل باطل، تعلوا كل الأصوات الشاذة الأفّاقة إلا أصوات المعركة والشّعب والصّندوق والشّارع.. فالمعركة خسرناها.. والشّعب استحمرناه.. والصّندوق اغتصبناه.. والشّارع سددناه وأغلقناه وهجّرنا سكّانه..
وأوّل الخاسرين وأكبرهم.. أصحاب الطّريق الثالث..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق