تتكرّر أمامي هذه الأيّام سلوكات أعلم أنّها منتشرة.. ورأيتها من قبل.. وتحدّثنا عنها كثيرا.. لكنّي أحببت أن أجدّد الحديث عنها لأنّي لا أرى سواها.. ومن كلّ الأعمار.. شيبا وشبابا..
لقد رأيت أناسا يرمون القمامات من سياراتهم.. البارحة رأيت أمامي يدا -أحسبها لإنسان!- تخرج من نافذة السّيارة وتقذف بقارورة بلاستيكيّة على قارعة الطّريق، لتنتهي القارورة في حقل للأشجار.. ورأيت قبل يومين رجلا مسنّا أبيض الشّعر وهو ينظّف شاحنته ويرمي المناديل وأعقاب السجائر وفتات المكسّرات وكأنها مخلّفات قرود ويرمي كلّ هذا من نافذة شاحنته إلى وسط الطريق لا قارعته.. واليوم رأيت من يرمي من نافذة سيّارته كيس قمامة بأكمله!.. كيس أزرق ملفوف ومقفل يظهر من خلاله قشور البرتقال وعلب السّجائر.. لقد تكبّد الكائن السّائق عناء جمع القمامة ووضعها في كيس وإقفال الكيس.. ثم رمى بها من نافذة سيارته وهو يسير بـ80 كلم/الساعة لينفتق الكيس على الطّريق وتتبعثر القمامة التي جمعها..
النّاس مجانين وعقلاء.. فالمجنون لا حساب ولا عتاب عليه، والعاقل محكوم بعقله في أفعاله وتصرفاته.. أمّا هؤلاء القوم فلا أجد لهم تصنيفا لا في هؤلاء ولا في هؤلاء.. فلا هم مجانين لهم عذرهم.. ولا هم عقلاء يفكّرون وينطقون.. إنّ لهم عقولا متّسخة قذرة نتنة.. تجعل أفعالهم نجسة ولو غسلتهم بأمطار الأرض كلّها ما نظفوا ولا زالت ريحهم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق