ممّا أبان عنه كورونا في العالم ذلك البون الشّاسع بين المدنيّة والهمجيّة.. ففي حين تصدّت الدّول المادّيّة اللّادينيّة لهذا الوباء بسكينة ونظام، فرأينا طوابير رصينة عند الأسواق، وشاهدنا هذه الحكومات المادّية توزّع الكمّامات والمطهّرات مجّانا على مواطنيها وغير مواطنيها.. ورأينا كيف تأدّب مواطنو هذه الدّول اللّادينية بآداب النّظافة والامتناع عن السّلام والمصافحة وتجنّب التّجمعات وغلق الرّحلات حفاظا على الصّحة العامّة..
من الجانب الآخر الذي نحن فيه! صُعِقنا في بلدنا المسلم الملتزم المتخلّق اللّامادّي بأسعار الكمّامات وقد تضاعفت أربع مرّات في يوم واحد.. ثم فُقدت تماما من السوق؟! وصارت بالمعريفة!! ورأينا أسعار السّلع الاستهلاكية تزداد وتزداد ولم يبلغنا الفيروس بعد.. ونرى النّاس يبوسون بعض ويعطسون في وجوه بعضهم البعض ويَتَدَاوَرُون بينهم السّجائر وفناجين القهوة و"كَالَات" الشّمّة والفيروس قد أبان رأسه وحطّ رحاله! وفوق هذا وذاك استأنفنا الرّحلات مع الصّين المصدّر الأوّل للفيروس..
والعاهة فوق هذا وذاك.. أنّنا نجد هذا طريفا مرحا ومثيرا للسّخرية والضّحك.. كلاّ يا سادة! إنّها الفُروق المنطقيّة الأزليّة بين المدنيّة والهمجيّة.. بين الحضارة التي فقدناها ونحن بعيدين عن استعادتها، والبدائيّة الّتي صُدِّرت لنا فرضعناها وأرضعناها أبناءنا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق