عندما كنت صغيرا، كان لنا جيران من زَوَاوَة.. وقد كنت صديقا لأبنائهم.. وأتذكّر أنّي درست في المدرسة و في القسم مع زواوة أيضا.. وآخرون شَاوِيَّة.. وآخرون صَحرَاوَة.. وواحد منهم مِزَابي.. وأتذكّر أيضا أن أصحابي في الشّباب كانوا من زواوة.. وأتذكر أن أحد مشايخي ممّن علّمني أحكام الوضوء والصّلاة والصّيام زَوَاويّ أيضا!
وأتذكّر أيضا أننا نتحدّث دوما عن الزّواوة الذين يكرهون العرب والعرب الذين يكرهون الزّواوة.. توقّفت لبرهة وبحثت عن هؤلاء وهؤلاء.. تفحصت الزّواوة الذين أعرفهم فلم أجد من أكره؟ وتأملت فيهم أيضا فلم أجد إلا من علّمني أو أعانني في وقت الشدّة..
فكّرت قليلا، وقلت ربّما فِكرِي قاصر!.. وأنّ المسألة لها جذور تاريخيّة تتجاوز عقلي السّاذج المحدود.. أبحرت في أعماق التاريخ.. من فجر الإلتقاء بين الأمازيغ والعرب.. فلم أجد لهم وجودا قبل الفتح الفرنسي الحضاري لبلادنا (كما هو حال باقي الفتوحات الحضارية الغربيّة للعالم البدائي المتخلف).. اكتشفت أنّنا كنّا قبائل ومدن ودول على أرض المغرب أو إفريقيّة بلسانٍ عربيّ فصيح مبين ووحدة دينيّة صلبة راسخة جعلت من حروبنا وسلمنا وعلمنا وثقافتنا في خدمة الإسلام ونصرة المسلمين في الشرق والغرب.. حتّى جاء المحقق كونان الغاليّ الخطير!.. ليخبرنا أننا كنا لقرون غابرة في وهم عظيم.. واكتشفنا أننا عرب وقبائل!؟ ويا للعجب..!؟ في أيام تحقيق الأنساب وعصبية القبيلة والعرق، كنّا إخوة على دينٍ واحد لا يشق صفنا أحد.. وفي زمن ألقاب فرنسا وجهالة الأنساب والأعراق، صرنا عربا وقبائل؟؟! عربا يكرهون القبائل وقبائل يكرهون العرب وكلاهما يتكلم الفرنسية ويرفض لغة الآخر..
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق