الاستبداد

نتكلمّ جميعا عن الاستبداد، وكثيرا ما ننتقد طغيان الحكّام عندما يفرضون القوانين والسّياسات في اتجاه واحد ولخدمة فرد أو فئة معينة، ونسمي ذلك استبدادا.. وكثيرا ما نتظلّم من رعونة رؤسائنا في العمل وقراراتهم الأحادية من غير تشاور أو مناقشة، ونسمي ذلك استبدادا..
والحقيقة أن هذا النّوع من الاستبداد هو أهون الأنواع، وهو نتاج أنواع أخرى من الاستبداد أشدّ فتكا وأكثر خطرا وأعظم عاقبة.. وهو رأس جبل الجليد الذي يسهل إزالته ولكن الخفيّ منه أعظم وأنكى..
أتكلّم هنا عن استبداد النّفس والصّاحب والأهل والأخ.. فحبّ المعصية على ما فيها من الخسران وكراهيّة الطّاعة وفيها النّجاة استبداد بالرّأي وبعد عن المشورة والنّصيحة.. وتملُّك الإنسان بدافع الحبّ، مع سلبه إرادة القرار في الأكل والشرب والنّوم والدّراسة والعمل، كل ذلك استبداد بالرّأي وبعد عن الشورى والتناصح والحريّة.. ونُكرانُ الآخر بهدر الموارد والإساءة إلى البيئة وتلويث الجو والبحر والبرّ وحتى أسماع النّاس، كل ذلك استبداد بالرأي وبعد عن الحضارة وإنسانية..
لا داعي للحديث عن استبداد الحكام وكلٌّ منّا مستبدّ على نفسه وابنه وزوجته وجاره وأخيه.. فذاك استبداد فرد ينتهي بموته، أما الآخر فهو استبداد جماعة يتجدّد ما دامت على ظهر الأرض!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق