مع الخطوط الجوية التركية

انطلقت رحلتنا مع الخطوط الجوية التركية، لمدة تجاوزت الأربع ساعات، كانت عادية لا تختلف عن أي رحلة مع شركة طيران أخرى. كان الطاقم بطبيعة الحال من الأتراك، كلمنا طورا بالتركية وطورا بالإنجليزية، ونادرا بالفرنسية. الطائرة لم تكن بالكبيرة، تسع المائتي راكب فقط، وأغلبهم جزائريون، وكان الأتراك العائدون لبلدهم قلة يسيرة.
Turkish Airlines
والشركة ككل الشركات تقدم لركابها وجبات ومشروبات، ومنها بطبيعة الحال مشروبات كحولية لمن اشتهى. وهو أمر كان يزعجني دوما عندما أستقل الطائرة! لأقتنع يوما أن انزعاجي هذا هو دليل غبائي. فالخمر قد غزت مجتمعنا حتى صارت تباع في كل حي من الأرض، فكيف لا تباع في الطائرة وهي تقل أساسا من في الأرض!
لكن الواقع يبقى مريرا عندما نلاحظ شركات الطيران لدول إسلامية تلتزم التوصيات الدولية ببيع المشروبات الكحولية في الطائرة، ويقدمها المسلم والمسلمة للراكب كما يقدم القهوة والشاي.
إن هذه الجزئية البسيطة، مع قراءات لفقه الواقع والتغيير، دليل على أن طريق الإصلاح والرجوع إلى الحق لا زال بعيدا، ولقد ضللناه للأسف الشديد. ذلك أن منع الخور في الأرض أو في السماء قد يصدر في لحظة على الورق، لكنه لن يدوم إلا إذا كان القرار على الورق هو النهاية وليست البداية! كيف ذلك؟ لقد انفتح الطيران المدني على الخواص، وتكونت جمعيات لحماية المستهلك، وجمعيات مدنية شتى، ونقابات في المطارات وشركات الطيران، وشنت الحملات على الغلاء، وعلى الاستغلال المجحف للعمال، وعلى ظروف العمل، وعلى كل النقائص والإيجابيات في هذا المجال.. فأين المسلم المصلح من هذا كله؟ أم أن كل عمال الطيران المدني من الكفار؟ ولم لم تتكون نواة من الفاعلين في المجتمع، والفاعلين في النقل الجوي لتحريم الخمور في الجو؟ إن تطور الفعاليات المدنية وتجنبها الخوض في هذه الأمور لهو دليل على غياب الإصلاح الحقيقي عن هذه الفعاليات.. ودليل على أن الدافع من وراء تكوين هذه الفعاليات مادي بحت، متى حقق الرفاهية الدنيوية سلم للوضع القائم ولو كان فاسدا!
خرجت قليلا عن الموضوع، وسأعود إليه لأنوه رغم كل هذا بحرفية الشركة التركية، واحترامها لزبائنها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق