عام سعيد

سمعنا كثيرا وقلناها كثيرا هذه الأيام.. "عام سعيد" وبكل اللغات واللهجات.. ولكني لا أرى للسعادة محل لا في هذا العام ولا في الذي قبله!
وبادئ ذي بدء، ماذا قدمنا لهذا العام لكي يكون سعيدا؟ ماذا زرعنا في عامنا الماضي لنجني في عامنا القابل؟ الحق والحق أقول، لم نزرع إلا الخيبات، ولن نجني إلا الخيبات.
لقد مر علينا العام بأروع حوادث القتل والاغتصاب والسرقات والاختلاسات.. ومر علينا بأخطر الحوادث المرورية المميتة.. ومر علينا بأحط أنواع البدع والمنكرات من احتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة إلى زيادة الفتحات والتقشف في اللباس فوقا وتحتا.. ومر علينا ونحن نزداد غيا وطغيانا في المعاملات والعبادات حتى يخيل إليك أنك تعاشر وحوشا في الفلاة قد أصابها الكلب والهيجان.. وبعد كل هذا وذاك.. عام سعيد!
إن العاقل لا يفرح لفقد عام من عمره، فما بالك بعام أفقده أرواحا وأخلاقا وأموالا وراحة بال.. العاقل يحاسب نفسه على ما فعل، ويقيم عامه ويقوم فعله، ثم يستقبل عامه القابل بعزم على التصحيح والتجديد، ولا يستقبله بفرح الأبله، ونشوة السكران، وتفاؤل الأهبل. العام لا يكون سعيدا إلا إذا قدمنا له أسباب السعادة، ومهدنا له طريقها، أما ونحن نحطم أنفسنا يوما بعد يوم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق