النظرة الإصلاحية.. شاملة أو شمولية

عندما نريد التّغيير، من أجل الإصلاح طبعا!! لابدّ من النّظر أوّلا.. النّظر من أجل تحديد الخلل.. النّظر من أجل تحديد موقع هذا الخلل.. النّظر من أجل تحديد المسؤول عن هذا الخلل.. النّظر من أجل بلورة الحلّ.. والنّظر من أجل وضع الخطّة لمعالجة هذا الخلل..
وهذا كلّه سيَجُرُّنا إلى تجاذبات وتفرّعات كثيرة وإحالات إلى وضعيّات متعدّدة ومشاكل جانبيّة وأخرى رئيسة وعوائق ومثبّطات ومُحبِطات كثيرة وجسيمة وعويصة..
ولمواجهة هذا كلّه ينبغي النّظر أيضا من أجل تحديد أولويّاتٍ ووضع تدرّجات في العمل وتفصيل استراتيجيّات متنوّعة للتّعامل مع كل وضع وكل عائق.. بين مداراة ومواجهة وتحييد وغضّ للطّرف أحيانا.. وكلّ هذا مردُّهُ إلى النّظر..
من هنا كان الإصلاح والتّغيير مسؤولية النّخبة بالدّرجة الأولى.. لأنّ هذه النّخبة إذا ما استقالت أو أُقِيلت.. حلّ مكانها العامّة.. فصار الإصلاح والتّغيير منوطا بالأهواء وعقليّات السّوق والمقاهي.. مواجهة في غير محلّها، ومداهنة لمن لا ينفع معه إلاّ المواجهة، وهدر لمقدّرات الأمّة في معارك جانبيّة ثمارها أقلّ من الجهد المهدور بكثير..
الإصلاح يحتاج إلى نخبة تؤطّره وتدفع بالموارد إلى المكان الصّحيح في نظرة شاملة لكلّ الجوانب دون إقصاء لميدان أو تهويل لميدان على آخر.. لأنّ المعركة طويلة وتحتاج لنفس طويل وترشيد للموارد وخاصّة البشريّة منها، والتّي تحتاج لسنين للبناء فلا ينبغي إهدارها في دقائق طيش دون نفع يرجى..
أمّا النّظرة الشّمولية والتي تفرض علينا ميدانا واحدا أو قضيّة واحدة على أنّها المعركة الكبرى والقضيّة الفاصلة فتختزل الإصلاح والتّغيير فيها لوحدها دون غيرها.. فهذه نظرة قاصرة مآلها الفشل والخيبة ولنا في تاريخنا المعاصر أكثر من مثال عن ذلك في السّياسة والثّقافة والدّين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق