عندما نستعصي على الوباء

تمرّ جائحة كورونا ونحن نِيام.. تمرّ بنا، تخطف الأرواح، وتُعَلِّقُ الأجساد من صدورها.. فلا نرى فيها إلّا أرقاما.. أرقاما للموتى، وأخرى للمصابين، وأخرى لمن شفي.. وكأنّ التّحدي صار بالعدّادات..
لا زال البائع يشقّ البطّيخة ويقضم منها ويناولها للمشتري ليقضم منها أيضا.. ولا زال التّاجر يتناول فنجان القهوة الذي اشتراه خلسة من المقهى المُغلق، ويرتشف رشفة، ثم يعطس في يده، ويمدّها بعد ذلك لمصافحة الزّبون، ويقتطع بها الجبن فيزنه ويُسلِّمُهُ للزّبون، وكلّ هذا بيد واحدة خالية من أيّ غسلة أو تعقيم.. ومازال شباب الحيّ يتجمّعون قبيل المغرب وبعدها والوجه في مقابل الوجه يتحدّثون عن كورونا..
تمرّ الجائحة ونحن لا زلنا نرفع من ثمن السّلعة الأساسيّة لأنّ النّاس في حاجة.. نتمارض في البيت ثمّ نتسابق لإدراج اسمنا في قائمة العلاوات للمجنّدين ضدّ كورونا.. نتباكى على غلق المساجد ونحن نلهو ونلعب وأذان الصّلاة يدوّي.. نلعن الدّاء والفيروس ونلعن الصّين وأمريكا وأوروبا لأنّهم سبب الدّاء، وننتظر في جمود وسكون أن يتعطّفوا علينا باللّقاح، وقبله بالكمّامات..
تمرّ الجائحة والمساجد مقفلة خوفا من العدوى.. والأسواق عامرة مَعصُورَة بالنّاس خوفا من الجوع والفقر.. عدوى وجوع وفقر.. خوف من الدّنيا.. وأمن من الآخرة..
والله المستعان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق