القوارض

لقد وصف مفكّرنا مالك بن نبي رحمه الله عمّال المكاتب والشّبابيك الذين يتنطّعون ويتفنّنون في إذلال المواطن أمام الآلة الإدارية لعرقلة المشاريع والمعاملا ت العاديّة منها والمعقّدة.. وصفهم بالقوارض..!
والحقيقة أنّ أزمتنا السّياسيّة والإجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والتربويّة وغيرها.. هي أزمة قوارض..
الأزمة ليست في المدير الفلاني أو المسؤول العلّاني أو القائد التّلاني.. فلو أتيت بأعبد أهل الأرض ووضعته في مسؤولية ما في إدارة ما في بلدنا الحبيب.. فإنّه سينقلب طاغية وووحشا.. لا لطبيعته فحسب.. بل لأنّه سيجد تحته قوارض يعبدونه بما شاء وكيف شاء..
فلو أراد الصّلاة، فإنّ عبيده سيفرشون السّجادة ويتوضّؤون ويقيمون الصّلاة.. ولو أراد السّكر لفرشوا له الطّاولة مزّة وخمرا وسجائر وملفوفا.. ولو أراد العراك لرفعوا السّيوف والخناجر أمامه وبين يديه.. ولو أراد الخطابة لكتبوا القصائد والرّسائل ونسبوها إليه..
العبودية لم تكن يوما ممارسة أو قانونا أو فرضا.. العبودية طبيعة جُبلت عليها أقوام أذلّوا أنفسهم فأذلّهم الله.. فكانوا جنودا لغير الله..
وهؤلاء لا يستقيم بهم حال.. ولا تتغيّر بهم بلاد أو عباد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق