السياقة فن، متعة، وثقافة

ركبت سيارتي متوجها من المنزل إلى العمل الذي لا يبعد عن العمل إلا بضع كيلومترات، وكان من المفروض أن أصل بعد خمس أو عشر دقائق.. إلا أن المشوار لم ولا ولن يتم في وقته، لأنه وأثناء سيري لابد من تخطي عدة مراحل كي أصل إلى النهاية..
يبدأ السباق بتخطي أفواج المشاة بأقل قدر من الخسائر إن أمكن، ذلك أن أغلبهم يسير على جادة الطريق لانعدام الأرصفة أو عدم صلاحيتها، أو شغلها بعمال المياه أو الكهرباء أو الغاز أو الصرف الصحي أو قبضايات وبلطجية الحي أو غيرهم ممن نعرف أو لا نعرف.. ولابد من تجنب الاحتكاكات والمزامير قدر الإمكان، لأنها تزيد من توترات المشاة، وهو أمر غير محمود، ويجب أيضا عدم الانتباه لبعض السباب أو الشتم أو الكلمات الجارحة الكاسرة من حين لآخر، ولذوي القلوب الضعيفة يستحسن غلق جميع النوافذ وتشغيل المذياع أو المسجلة..
مرحلة أخرى من مراحل السباق تكمن في تجنب المطبات والعوائق الأرضية، الجانبية، والعلوية.. فهناك حفر وحواجز إسفلتية وترابية وإسمنتية.. وهناك مشاة يقفزون يمينا ويسارا.. وهناك سيارات لأشخاص مهمين جدا جدا لا يمكنهم الانتظار أو التوقف تجدهم يَنِطُّونَ ذات اليمين وذات الشمال، وربما جاؤوك من الأمام.. عندها على أحدكما الطيران لتجاوز الآخر..
السياقة فن متعة وثقافة
ومن مقَبِّلات السباق أيضا، رجال من الشرطة أوالدرك يتربصون بك الدوائر، فإن سِرتَ بِبُطءٍ أبطأت الرَّكب وتلقيت السُباب و الشتم مَمَّن خلفك، وإن سرت بسرعة أوقفوك لمخالفة القانون وتجاوز السرعة المحددة.. وطبعا لن توقف وحدك، بل سيقف معك الجميع.. ولكن؟! عند اللجنة لن تجد لهم أثرا، وستجد نفسك وحدك، لأن منهم من يعرف الشُرطي، ومنهم من يعرف الدركي، ومنهم من يعرف موظف الدائرة، ومنهم من يعرف موظف البلدية، ومنهم من يعرف الثمن، ومنهم من يعرف السياقة بدون رخصة..
لهذه الأسباب يصبح كل خروج لي بالسيارة مغامرة ولا مغامرات السندباد.. تعرف مَبدَأها ولن تعرف أبدا على أي جزيرة ستَحُطُّ بك؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق