الضغط

التفعيص في برتقالة لا يزيدها نضجا بل يحضرها للتعفن. ونحن للأسف نضغط على بعضنا البعض ونزيد الضغط أضعافا وأضعافا بحجة أننا نريد أن نقوي بعضنا البعض ونرقى بالعمل للأعلى ونحطم خيوط الوهن والكسل والجزع..
ونحن في حقيقة الأمر إنما ندين أنفسنا بعملنا هذا! ذلك اننا نقر بتقصيرنا ووهننا وخمولنا.. فنسقط ذلك على الآخرين ونتهمهم به.. ونعاملهم بعد ذلك على أساسه. فنخرج من طور المشاركة في العمل وتقاسم المسؤوليات إلى دور الشرطي الرقيب والمراقب العنيد الشديد! وإن كان هذا الأسلوب مثاليا في المؤسسة العسكرية وأجهزة الإدارة والشرطة لطبيعة عملها، فإن هذا الأسلوب إذا ما انتهج بين الأصدقاء أو في العائلة أو في الجمعيات التطوعية -إذ أساس العمل فيها أصلا التطوع و الحماس الذاتي وليس الرقابة الخارجية- فإنه ينسف العمل والعائلة من جذورها ويجعل كل فرد يتحين الفرصة للتمرد والاستقلال بذاته للتخلص من الرقابة اللصيقة على اللاعب! إن النفس البشرية تحتاج إلى هامش من الحرية للتحرك والإبداع، فإذا ضيقنا هذا الهامش، فإننا نكبت التطور وروح الابتكار، ونحولها من نفس خلاقة مبدعة إلى مجرد روح موظف بائس لا يهتم للعمل لأنه لا يعنيه أساسا! وهذا لا يعني عدم وجود نوع من التأطير، ولكن التأطير يجب أن يكون ذكيا ورادعا بحيث يزيد من الرقابة الذاتية للعامل. وذلك بأن تكون المحاسبة بعد العمل بتفحص النتيجة وقبله بإقراره أو رفضه لا أثناءه!!! وعلينا أن ندرك أن المرء قد يخنق شخصا يحبه وهو يعتقد أنه يحضنه! أجل، وإن كان هذا من سمات الجنون، فإن قتل العمل بدافع الخوف عليه من الجنون أيضا.. وتحطيم الروابط الأسرية بالرقابة البوليسية جنون أيضا.. ولكن للأسف، هذا الجنون لا يكتشف إلا بعد فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق