شبكة العلاقات الإجتماعية؟

هل يحق لنا فعلا أن نسمي الفايس بوك ومشتقاته بشبكات للعلاقات الإجتماعية؟ وهل هذه التسمية في محلها؟ أسئلة لا يستطيع أي منا أن يدعي فيها الجواب المفحم والحقيقة المطلقة مهما برر ومهما جادل! فعلى طرف الموالاة، هذه الفضاءات وسيلة حقيقية لتقوية روابط المجتمع عن طريق فتح قنوات لا حصر لها للتواصل مع الآخر بعيدا عن تعقيدات المكان ووسائل النقل والهواتف والإجتماعات الحقيقية وما يرافقها من لزومات الضيافة والإكرام. فعن طريق خط هاتفي وجهاز كمبيوتر، نستطيع أن نحادث من نحب ومن لا نحب، وأن نتبادل المجاملات والسباب والشتائم على حد سواء دونما حاجة لتحديد المواعيد وتهيئة المجالس والموائد. كما أن هذه الفضاءات مكنتنا من تجاوز العقد النفسية من خجل، ورهاب، وقلق قهري وغير قهري، فمن الممكن أن نتحادث ونكيل لبعضنا المديح والهجاء دون أن نخشى من التلعثم أو سخرية وتهكم الآخرين، أو ظهور حمرة الخجل أو زرقة الخوف أو حتى صفرة الإحباط والغيظ.. كل هذا صار ممكنا عن طريق التواصل الإجتماعي الحديث!
هنا ينبري المعارضون ليردوا على الموالين بأقوالهم.. فيقولون: كيف تسمون هذه البدعة الضالة تواصلا إجتماعيا وهي قد مسخت النفس البشرية الإجتماعية بطبعها وحولتها إلى نفس منافقة تتخفى وراء أقنعة في ظهورها للمجتمع، ومن ثم إلى آلة لا تحس ولا تشعر! فالمساهم في هذه الشبكات يكون بطبعه أو يصير بتطبعه متخفيا وراء قناع يصنعه في العالم الافتراضي ويستحيل أن يكون هذا القناع مهما حاول صاحبه أن يعكس الحقيقة كاملة لأن الإنسان مجبول على ذكر محامده ونكران مساوئه.. فيتشكل نتيجة لذلك مجتمع افتراضي شبيه بمسلسل للرسوم المتحركة منسوج الشخصيات بحبكة ودراية تخرج بنا عن الطبيعة إلى التكلف. وبعد هذا، تكون تصرفاتنا داخل هذه الشبكات بعيدة عن الطبيعة التي تحكمها أحاسيس الوجل والتردد والمداراة واللباقة التي نفتقد مسوغاتها في هذا العالم الممسوخ الجديد! فنتحول إلى آلات لا تحس ولا تخجل.. وبعد هذا كله نسمي هذه الفضاءات تواصلا إجتماعيا؟ وبعد هذا وذاك، يبقى السؤال مطروحا.. هل نحن نتواصل اجتماعيا على الأنترنيت، أم أننا نقطع ما تبقى من علاقانتا الإجتماعية الحقيقية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق